وربّما علّل ذلك أيضا بكون غسله خاتمة طهارته ، فهو أولى بالمراعاة.
وفيه : أنّه مجرّد اعتبار لا يصلح دليلا في مقابل ما عرفت ، لكنّه ينهض مؤيّدا للمرسلة الدالّة عليه ، إلّا أنّها مع ذلك قاصرة عن معارضة ما عرفت.
وحكي عن الشيخ القول بالتخيير ؛ لتعارض الأخبار ، وعدم الترجيح (١).
وفي الأخير منع ، لكن لمّا لم يجب التقديم وكان الحكم مبنيّا على الأولويّة والاستحباب جاز العمل بهذه الرواية أيضا برجاء الإصابة ، أمّا وجه عدم الوجوب : فواضح ، مضافا إلى عدم الخلاف فيه على ما يظهر من بعض (٢) ، ضرورة أنّه لا يجب على أحد رفع اليد عن حقّه في الماء المختصّ به أو المشترك بينه وبين الجنب ، ولا يحرم عليه المبادرة إلى الماء الذي يجدونه في الطريق وتملّكه ، سواء وجب عليه الوضوء أم لا.
وإطلاق هذه الأخبار لا ينافي اشتراط طيب نفوس الجميع بصرف البعض للماء ؛ لتحقّق الطيب في مفروض السائل ، وكون المقصود بالسؤال تشخيص الأهمّ.
هذا ، مع عدم كون الإطلاق مسوقا لبيان الحكم من هذه الجهة ، مضافا إلى عدم إمكان التصرّف في مثل هذه القواعد بالظواهر المنافية لها ، فلا محيص عن الالتزام بكون التخصيص مبنيّا على رعاية الأولويّة والفضل ، والله العالم.
ثمّ إنّا وإن جوّزنا للمحدّث بذل مائه المختصّ به إذا تعلّق به غرض صحيح
__________________
(١) حكاه عنه المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٤٠٥ ، وانظر : الخلاف ١ : ١٦٦ ـ ١٦٧ ، المسألة ١١٨.
(٢) راجع : جواهر الكلام ٥ : ٢٥٧ ، والمعتبر ١ : ٤٠٦.