(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١).
ويحتمل أن يكون قوله تعالى (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ) إلى آخره ، مسوقا لدفع توهّم كون التكليف بالطهارة عند كلّ صلاة حرجيّا ، مع ما في التيمّم من التذلّل والخضوع الذي ربما يشقّ على المؤمنين في بدء الإسلام تحمّل مثله تعبّدا.
ويحتمل أن يكون بيانا للحكمة المقتضية لشرع التيمّم وبدليّته من الوضوء والغسل ، فيفهم منه على هذا التقدير اختصاص الأمر بالوضوء والغسل بغير مورد الحرج الذي هو أعمّ من سائر الضرورات المسوّغة للتيمّم ، وكون المشروع في مثل الفرض هو التيمّم تسهيلا للعباد ، ورأفة بهم ، وتفضّلا عليهم كي يسهل عليهم الطهارة في جميع الأحوال.
وهذا الاحتمال أسبق إلى الذهن ، وأوفق بالاعتبار وإن كان الأوّل أنسب بالسياق.
وكيف كان فيستفاد من هذه الفقرة الواردة في مقام الامتنان بل من سياق الآيتين ـ بواسطة المناسبات المغروسة في الأذهان فضلا عن الأدلّة الخارجيّة ـ
__________________
(١) المائدة ٥ : ٦.