وأن يتولّى البيع والشراء لنفسه ، والحكومة ، والانقباض واللين ، وتعيين قوم للشهادة ، وأن يضيّف أحد الخصمين ، والشفاعة في إسقاط أو إبطال ، وتوجّه الخطاب إلى أحدهما.
______________________________________________________
علمه وعدالته ، فهما يمنعانه عن ترك ما يحتاج إليه ، والإخلال بالواجب ، إلّا أنه مع عدم تلك الحالات أولى ، فتأمّل.
وحينئذ لا شك أنّه لو حكم مع تلك الحالات يكون نافذا.
وقد خصّ بعض الغضب ، بما إذا لم يكن لله ، وأمّا إذا كان لله ، والقاضي ممّن يكون قادرا على منع نفسه ، فلا كراهة ، لما روي عنه صلّى الله عليه وآله لمّا جاءه الأنصاري ينازع زبيرا في سقي الزرع ، قال صلّى الله عليه وآله : اسق يا زبير زرعك ثم أرسل الماء ، فقال الأنصاري : أن كان ابن عمّتك ، فاحمرّ وجه رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وقال : اسق زرعك يا زبير ثمّ احبس الماء حتى يبلغ أصول الجذر (١).
فقضى له باستيفاء حقّه مع الغضب ، بعد أن كان نقص بعض حقّه حيث لم يصرّح بتمام حقّه أوّلا ، كأنّه فهم صلّى الله عليه وآله منه المسامحة في ذلك.
وفعله هذا لا يقاس عليه ، فإنّ الغضب بالنسبة إليه كالعدم ، فإنّه لا يمكن أن يمنعه من كمال الحقّ بوجه ، وإنّه لا يحتاج إلى الفكر ، ولا يشغله عنه شيء ، وهو ظاهر.
قوله : «وأن يتولّى البيع إلخ». لعلّ دليل كراهة تولّي البيع والشراء بنفسه ، قولهم ، وأنّه قد يقع في المعاملة أمر تنفّر (يتنفر ـ خ ل) عنه الطباع ، وأنّه قد يلاحظه المعامل ظاهرا ولم يكن راضيا باطنا ، وأنه قد يميل قلبه إلى من يلاحظه
__________________
(١) سنن أبي داود ج ٣ (من أبواب القضاء) رقم ٣٦٣٧ ص ٣١٥ طبع مصر.