والإقامة بالشهادة واجبة على الكفاية إلّا مع الضرر غير المستحقّ.
______________________________________________________
ورواية أبان بن عثمان ، عمن أخبره ، عن أبي عليه السلام ، قال في كتاب علي عليه السلام أن نبيّا من الأنبياء شكا إلى ربه القضاء ، فقال : كيف أقضي بما لم تر عيني ولم تسمع أذني؟ فقال : اقض عليهم بالبيّنات وأضفهم إلى اسمي يحلفون به ، وقال : إن داود على نبينا وعليه السلام قال : يا رب أرني الحقّ كما هو عندك حتى اقضي به ، فقال : إنك لا تطيق ذلك فألحّ على ربّه حتى فعل فجاءه رجل يستعدي على رجل ، فقال : إن هذا أخذ مالي فأوحى الله إلى داود أن هذا المستعدي ، قتل أبا هذا وأخذ ماله فأمر داود بالمستعدي فقتل وأخذ ماله فدفع إلى المستعدى عليه ، قال : فعجب الناس وتحدّثوا حتى بلغ داود على نبينا وعليه السلام ودخل عليه من ذلك ما كره فدعا ربّه أن يرفع ذلك ففعل ثم أوحى الله اليه أن احكم بينهم بالبيّنات وأضفهم إلى اسمي يحلفون به (١).
وهذه الأخبار ـ مع مساعدة العقل ـ تدلّ على أن الحكم ليس محلّلا ومبيحا لما حرّم الله في نفس الأمر ، بل بحسب الظاهر بالنسبة إلى من (أمر ـ خ) خفي عليه فتأمّل ، وبالجملة وهو ظاهر.
ولعلّ المقصود من ذكره الإشارة إلى ردّ ما نقل عن أبي حنيفة من حكمه باستباحة المحكوم به المشهود به للمحكوم له بسبب الحكم ، وإن علم بطلانه وعدم استحقاقه وكذب الشهود وخلاف الحكم في نفس الأمر ، سواء في ذلك المال أو البضع ، وهذا أمر غريب وظهور فساده يغني عن بيانه ، نعوذ بالله من القول بالرأي والهوى.
قوله : «والإقامة بالشهادة واجبة إلخ». أي يجب إقامة الشهادة وأداؤها
__________________
(١) الوسائل باب ١ حديث ٢ من أبواب كيفيّة الحكم ج ١٨ ص ١٦٩