ويشهد بالإعسار مع الخبرة بالباطن وقرائن الأحوال (الحال ـ خ) كصبرة على الجوع والضرّ في الخلوة.
______________________________________________________
وأما الخلاف فيهما وفي اليد وحده ، فهو معلوم ومذكور.
وبالجملة لا بدّ للحكم والفتوى من الدليل على وجه ينطبق على الأصول ، فإن اعتبرت الاستفاضة بالدليل فهي كافية ولا تحتاج إلى الضميمة ، وإلّا فإن حصل العلم منها مع الضميمة أو الدليل على اعتبارها حينئذ اعتبرت وإلّا فلا وإن كانت ممّا خصّصوها به مع انضمام اليد والتصرّف المتكرّر وعدم المنازع ، فتأمّل.
قوله : «ويشهد بالإعسار إلخ». إذا أراد الشاهد أن يشهد على إعسار شخص لتخلّصه عن الحبس أو يد الغريم ، فلا يمكن له أن يشهد الّا مع الخبرة الباطنة والاطّلاع على باطن حاله ، بأن يكون معه في السرّاء والضرّاء والعلانية ورآه (يراه ـ خ) يصبر على الجوع والعرى بحيث يحزم بأنه لو كان عنده شيء لما صبر على مثل هذه الحالة ونحو ذلك.
وبالجملة لا يعتمد على ظاهر حاله ، بل لا بدّ من العلم بأنه معسر وما عنده شيء يقينا من غير شك وريب ، فإن كثيرا من الناس نراه يصبر على الجوع والعرى والشدّة الكثيرة مع وجود شيء عنده ويظهر عدمه بحيث يظن بل يقرب إلى اليقين ثم يظهر خلافه على ما يحكون عن بعض من سأل بكفّه في الطرق والأبواب.
والظاهر أن ذلك يتفاوت أيضا فليس كلّ من يصبر على الجوع والمشقة ما عنده شيء ولا الذي لا يصبر عنده شيء بل يستدين ولم يخل نفسه في الجوع والمشقة بحيث يظهر أن ليس عنده شيء ، بل قد يخفي حاله لبعض الأغراض ويظهر أن عنده شيء وليس عنده يشير إليه قول الله تعالى (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ) ـ أي بحالهم ـ (أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) (١) ، وعدم إظهار الطلب وإظهار الغنى فتأمّل.
__________________
(١) البقرة : ٢٧٣