ولو اختلف الشهود في الجرح والتعديل قدّم الجرح ، وإن تعارضا وقف.
______________________________________________________
وليس ذلك في الجرح ، مع اختلاف العلماء في أسباب الجرح ، فربّ شيء يراه الجارح قادحا ، لم يكن كذلك عند الحاكم.
ويؤيّده احتمال الاشتباه والسهو والنسيان. فلا يرد أنّ ذلك مشترك بين الجرح والتعديل ، فإنّ الاختلاف في أحدهما عين الاختلاف في الآخر ، وكذا الاشتباه والنسيان ، لما قلنا أنّ ذلك التفصيل فيه ممّا لا يمكن إيجابه ، لاستلزامه التعطيل المنافي لغرض نصب الحاكم وأنّ الاشتباه والنسيان مؤيّد ، ولو اكتفى بالإجمال فهو مثل قوله : (عدل).
نعم لو فرض كونهما عالمين بحيث لو كان سبب الجرح والتعديل خلاف مذهب القاضي لصرّحا به مع ظهور حالهما عند الحاكم من عدم الاشتباه والسهو والنسيان ظاهرا ، بل لم يكن محتملا ، أو كان ولكن يكون بعيدا غاية العبد لم يحتج إلى التفصيل فيهما ، وهو مذهب بعض المحقّقين في الأصول كالمصنّف.
فلا يرد عليه أنّ الفرض علمهما وضبطهما ، فلم يكن هذا المذهب ضعيفا كما قيل.
وبالجملة ينبغي التفصيل خصوصا في الجرح ، واستفسار طريق شهادته ، فإنّ المعتبر عندهم هو العلم فيه كما سيجيء ، وحصوله من غير اشتباه ، قليل في العدالة سيّما مع الريبة ، ولو كانت من جهة المعارضة فقط ، فتأمّل.
قوله : «ولو اختلف الشهود إلخ». أراد بالشهود المزكّي والجارح.
اعلم أنّ باب الترجيح باب عظيم النفع ، لكن من مشكلات أبواب الأصول والفقه ، وقد تبيّن في محله.
ومنها الترجيح بين المزكّي والجارح فنقول : إن زكّي عدل شخصا وجرحه آخر ، فهما بمنزلة تعارض الدليلين على حكم واحد ، فإن أمكن الجمع بينهما بوجه ،