.................................................................................................
______________________________________________________
البحث الرابع : فيما تزول به العدالة
والظاهر أن لا خلاف في زوالها بارتكاب الكبيرة ، وأنه كذلك بالإصرار على الصغيرة فإنه كبيرة عندهم كما أشرنا إليه.
والظاهر أنها تعود بالتوبة والعمل الصالح في الجملة. وما يدلّ عليه من الآيات والأخبار (١) ، كثيرة ، بل لا يبعد كونه إجماعيا ، ولكنّ العمل الصالح غير معلوم.
فالمراد منه ـ في الظاهر ـ ما يطلق عليه عمل صالح ، مثل صلاة وصوم ، بل ذكر واستغفار ونحو ذلك ممّا يقال عليه شرعا أنه عمل صالح.
بل لا يبعد أن يكفي التوبة إذا علم كونها توبة وندامة وعدم العود على ذلك بوجه ، بأن يمضي زمان يمكن العود ولم يكن له مانع عن الذنوب وما ينقض التوبة فهي مع الاستمرار في الجملة ـ بحيث يتيقّن التوبة والإصرار عليه مدّة ـ هو العمل الصالح.
بل لا يبعد العود بمحض التوبة ـ وهي الندامة والعزم على عدم الفعل ـ لكون الذنب قبيحا ممنوعا شرعا وامتثالا لأمر الله ولم يكن غير ذلك مقصودا ، فيكون العمل الصالح تأكيدا لتحقّق التوبة وإصلاح النفس كما يظهر من تفسير (٢) قوله تعالى : «وَمَن تابَ وَأصلَح» (٣) ، لعموم قبول التوبة في الآيات والأخبار الكثيرة ،
__________________
(١) راجع الوسائل باب ٤٧ من أبواب جهاد النفس ، ج ١١ ص ٢٦٤.
(٢) في مجمع البيان ج ٤ طبع مصر ص ٤٧٦ ، عند قوله تعالى : (وَأَصْلَحَ) : أي رجع عن ذنبه ولم يصرّ على ما فعل وأصلح عمله).
(٣) ليس في القرآن المجيد آية بهذه العبارة ، بل الآية الشريفة هكذا «كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» ، الأنعام : ٥٤.