ولا يصير بالتبرّع مجروحا.
______________________________________________________
بقبحه والوعيد في الكتاب والسنّة وتحريمه بإجماع المسلمين.
والرواية المذكورة ما نعرف سندها ، فضلا عن صحّتها ومعارضة بمثلها والظاهر أنها عاميّة وبالجملة ردّ شهادة العدل بمجرد ذلك ـ مع وجوب قبول العدل وعدم ردّه بالكتاب والسنة والإجماع ـ مشكل إلّا أن يكون إجماعيّا.
قال في الشرح : وهذا الردّ في حقوق الناس المحضة مقطوع به ، وأما في حقوق الله تعالى ـ كالزنا وشرب الخمر ، والمصالح العامّة كالوقف على المساجد والقناطر ـ فهل يردّ أم لا؟ فيه إشكال ناشئ من دخوله تحت المذكور في الأدلّة المتقدّمة ، فتردّ ، ومن أن مثل هذه الحقوق لا مدّعي لها ، فلو لم يشرع فيها ، التبرع لتعطّلت ، وأنه غير جائز ولأنه نوع من الأمر بمعروف ونهي عن المنكر وهو واجب ، وأداء الواجب لا يعدّ تبرّعا ، وللجمع بين ما روي : لم يفش الكذب قبل ان يستشهد (١) ، وبين قوله : ألا أخبركم بخير الشهود؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : أن يشهد الرجل قبل أن يستشهد (٢) ، قد يقال : يعرف غير الحاكم فيدّعي فيشهد بعد الاستشهاد ، أو يقول للحاكم (لا) على طريق الشهادة ، أو في غير مجلس الحاكم إذا خصّص التبرّع بمجلس الحاكم ، وأنّ الأوّل أيضا قد يكون أمرا بمعروف. وبالجملة ، لمّا لم يكن (دليل ـ ظ) على ردّ المتبرّع إلّا الإجماع ولا إجماع في حقوق الله فلا تردّ بل تقبل (٣).
وهو جيّد ، ولو لم يكن في الأول أيضا إجماع لكان كذلك.
ثم إن التبرّع ليس جرحا في الشاهد بمعنى أنه لا يصلح للشهادة فلا تقبل في هذه الواقعة وغيرها كالفاسق ، وكسائر أسباب التهمة ، بل الردّ هنا لمعنى حاصل في
__________________
(١) لم نعثر عليه إلى الآن.
(٢) راجع سنن أبي داود ج ٣ باب في الشهادات ، ص ٣٠٤ منقول بالمعنى فلاحظ.
(٣) إلى هنا عبارة الشارح قدّس سرّه.