الذي لا مَفرّ منه لحدوث الظاهرة هو : الصلاة .. إلا أنّه لا توجد ضرورة تدعو المريض نفسه للصلاة ، أو أن يكون على درجة من الإيمان الديني ، وإنما يكفي أن يصلي أحد الموجودين حوله .. ، إنّ لمثل هذه الحقائق مغزى عظيماً .. ، فإنّها تدل على حقيقة علاقات معينة ، ذات طبيعة ما زالت غير معروفة بين العمليات السيكولوجية والعضوية ، وتبرهن على الأهمية الواضحة للنشاط الروحي التي أهمل علماء الصحة والأطباء والمربون ورجال الإجتماع دراستها إهمالاً يكاد يكون تاماً .. إنّها تفتح للإنسان عالماً جديداً» (٤٨٤).
إذن ، بعد الإعتراف من هذه الشخصية البارزة في الأوساط العلمية الأوربية ، التي أثبتت وجود المعجزات والكرامات ، لا داعي لما يقوله منكري المعجزات والكرامات. بل يمكن القول : بأنّ وقوع هذه المعجزات والكرامات ضروري كي يتوجه البشر إلى عظمة الخالق عَزّ وجَلّ ، وما يفيضه عليهم من العم والسعادات الدنيوية والأخروية. لكن مما يؤسف له ، أنّ الإنسان بدل أن يتوجه إلى الخالق سبحانه وتعالى بالحمد والشكر على ما توصل إليه من إنجازات علمية ، تجعله يلتزم بالقيم الإنسانية ، إنغمس في الحياة المادية ، فأوقعه في مهالكها وشرورها ، فحطم شرفه وسعادته بذلك.
يقول ألكسيس كاريل : «إنّ الحضارة لم تفلح حتى في خلق بيئة مناسبة للنشاط العقلي وترجع القيمة العقلية والروحية المنخفضة لأغلب بني الإنسان إلى حد كبير ، للنقائض الموجودة في جَوّهم السيكولوجي ؛ إذ أنّ تفوق المادة ومبادئ دين الصناعة حطمت الثقافة والجمال والأخلاق» (٤٨٥).
__________________
(٤٨٤) ـ كاريل ، ألكسيس : الإنسان ذلك المجهول / ١٥٩ ـ ١٦١.
(٤٨٥) ـ نفس المصدر / ١٦٣.