فمقام الشهادة يحتاج إلى الإبتعاد عن حقوق الناس ، وإلى هذا يشير الحديث الذي رواه موسى بن عمير ، عن أبيه قال : (أمر الحسين منادياً فنادى : لا يقتل معنا رجل عليه دين. فقال رجل : إنّ إمرأتي ضمنت ديني. فقال الحسين عليه السلام : وما ضمان إمرأة) (٥٧٠).
إذن ، فمقام الشهادة يحتاج إلى تصفية حقوق الناس ، حتى يكون الإنسان مرشحاً لهذه المنزلة الرفيعة عند الله عَزّ وجَلّ ، وقد أشارت الروايات إلى هذه المنزلة ، نذكر منها ما يلي :
١ ـ في الحديث النبوي : (ما من نفس تموت لها عند الله خير يَسُرُّها أنّها ترجع إلى الدنيا ، ولا أنّ لها الدنيا وما فيها ، إلا الشهيد ؛ فإنّه يَتمنّى أن يرجع فيُقتل في الدنيا ، لما يرى من فضل الشهادة) (٥٧١).
٢ ـ وعنه صلى الله عليه وآله وسلم : (ما من أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا ، وأنّ له ما على الأرض من شيء ، غير الشهيد ، فإنّه يتمنى أن يرجع فيقتل عشر مرات ، لما يرى من الكرامة) (٥٧٢).
وقد ورد في زيارات الحسين عليه السلام تعابير من هذا القبيل ، نذكر منها ما يلي :
(وَاَشْهَدُ اَنَّ الَّذينَ سَفَكُوا دَمَكَ ، وَاسْتَحَلُّوا حُرْمَتَكَ ، مَلْعُونُونَ مُعَذَّبُونَ عَلى لِسانِ داوُدَ ، وَعيسَى بْنِ مَرْيَمَ ، ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدْونَ) (٥٧٣).
__________________
(٥٧٠) ـ المرعشي ، السيد شهاب الدين : ملحقات إحقاق الحق ، ج ١١ / ٤٣٧.
(٥٧١) ـ الرّيشهري ، محمد : ميزان الحكمة ، ج ٥ / ٢٠٠٩.
(٥٧٢) ـ نفس المصدر.
(٥٧٣) ـ القمي ، الشيخ عباس : مفاتيح الجنان / ٥٢١.