قال العلامة الطباطبائي (قده) : «من كان يريد العزة ، فليطلبها منه تعالى ؛ لأنّ العزة له جميعاً لا توجد عند غيره بالذات. فوضع قوله (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا) في جزاء الشرط من قبيل وضع السبب موضع المسبب ؛ وهو طلبها من عنده ، أي إكتسابها منه بالعبودية ، التي لا تحصل إلا بالإيمان والعمل الصالح.
والمراد بالكلم .. ما يفيد معنى تاماً كلامياً ويشهد به توصيفه بالطيب ، فطيب الكلم ؛ هو ملاءمته لنفس السامع ومتكلمه ، بحيث تنبسط منه وتستلذ وتستكمل به ؛ وذلك إنّما يكون بإفادته معنى حقاً فيه سعادة النفس وفلاحها. وبذلك يظهر أنّ المراد به ليس مجرد اللفظ بل بما أنّ له معنى طيباً ، فالمراد به الإعتقادات الحقّة التي يسعد الإنسان بالإذعان لها ، وبناء عمله عليها والمتيقن منها كلمة التوحيد التي يرجع إليها سائر الإعتقادات الحقّة ، وهي المشمولة لقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا) [إبراهيم / ٢٥]. وتسمية الإعتقاد قولاً وكلمة أمر شائع بينهم.
وصعود الكلم الطيب إليه تعالى ، هو تقربه منه تعالى إعتلاء ، وهو العلي الأعلى رفيع الدرجات ، وإذا كان إعتقاداً قائماً بمعتقده ، فتقربه منه تعالى تقرب المعتقد به منه ، وقد فسروا صعود الكلم الطيب بقبوله تعالى له ، وهو من لوازم المعنى. ثم أنّ ال إعتقاد والإيمان إذا كان حق الإعتقاد صادقاً إلى نفسه صدقه العمل ولم يكذبه ، أي يصدر عنه العمل على طبقه ، فالعمل من فروع العلم وآثاره التي لا تنفك عنه ، وكلما تكرر العمل ؛ زاد الإعتقاد رسوخاً وجلاء وقوي في تأثيره ، فالعمل الصالح ـ وهو العمل الحري بالقبول الذي طبع