فقال : وَجّه إليّ سَابُور الكبير الخادم الرشيدي في الليل فصرت إليه فقال : تعال معي ، فمضى وأنا معه حتى دخلنا على موسى بن عيسى الهاشمي فوجدناه زائل العقل متكئاً على وساده ، وإذا بين يده طست فيه حشو جوفه ، وكان الرشيد إستحضره من الكوفة.
فأقبل سَابُور على خادم كان من خَاصّة موسى فقال له : ويحك ما خبره؟ فقال له أخبرك إنّه كان من ساعته جالساً وحوله ندماؤه ، وهو من أصح الناس جسماً وأطيبهم نفساً ؛ إذ جرى ذكر الحسين بن علي عليه السلام قال يوحَنّا : هذا الذي سألتك عنه. فقال موسى : إنّ الرافضة ليغلون فيه حتى أنّهم فيما عرفت يجعلون تربته دواء يتداوون به ، فقال له رجل من بني هاشم كان حاضراً : قد كانت فيّ عِلّة غليلة ، فتعالجت لها بكل علاج فما نفعني حتى وصف لي كاتبي أن خذ من هذه التربة ، فأخذتها فنفعني الله بها وزال عني ما كنت أجده. قال : فبقي عندك منها شيء؟ قال : نعم ، فوجّه فجاءه منها بقطعة فناولها موسى بن عيسى ، فأخذها موسى فاستدخلها دبره إستهزاء بمن تداوى بها ، وإحتقاراً وتصغيراً لهذا الرجل الذي هي تربته ـ يعني الحسين عليه السلام ـ فما هو إلا أن إستدخلها دبره ، حتى صاح : النار النار ، الطست الطست. فجئناه بالطست فأخرج فيها ما ترى. فانصرف الندماء ، وصار المجلس مأتماً فأقبل عليّ سابور فقال : إنظر هل لك فيه حيله؟ فدعوت بشمعة فنظرت ، فإذا كبده وطحاله وريته وفؤاده خرج منه في الطست ، فنظرت إلى أمر عظيم ، فقلت : ما لأحد في هذا صنع إلا أن يكون لعيسى الذي كان يحيي الموتى ، فقال لي سابور : صدقت ولكن كن ههنا في الدار إلى أن يتبين ما يكون من أمره ، فبتُّ عندهم وهو بتلك الحال ما رفع رأسه ، فمات في وقت السحر. قال محمد بن موسى :