فبالحمل على أيهما كان لا يمكن القول بالبطلان لما تقدم. والله العالم.
المسألة الثالثة ـ المشهور في كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) من غير خلاف يعرف هو تحريم قطع الصلاة اختيارا وقيده جملة من الأصحاب : منهم ـ العلامة في بعض كتبه بالفريضة.
واحتج عليه بوجهين (الأول) ان الإتمام واجب وهو ينافي القطع فيكون القطع محرما (الثاني) قوله تعالى «وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ» (١).
والأول منهما لا يخلو من مصادرة ، والثاني لا يخلو من الإجمال المانع من الاستناد إليه في الاستدلال ، ولهذا صرح جملة من محققي متأخري المتأخرين بأنهم لم يقفوا في المسألة على دليل يعتمد عليه وكان بعض المعاصرين يفتي لذلك بجواز قطع الصلاة اختيارا ، ويجوز له في الشكوك المنصوصة قطع الصلاة والإعادة من رأس للخروج عما في بعض صورها من الخلاف.
أقول : والحق ان الدليل على ذلك ما تقدم في الأخبار الكثيرة من ان تحريمها التكبير وتحليلها التسليم (٢). ، فإنه لا معنى لكون تحريمها التكبير إلا تحريم ما كان محللا على المصلى قبل التكبير وانه بالدخول فيها بالتكبير تحرم عليه تلك الأمور من الاستدبار والكلام عمدا والحدث عمدا ونحو ذلك وان هذه الأشياء إنما تحل عليه بالتسليم ، وهذا المعنى من هذه العبارة أظهر من ان يخفى والروايات بهذا المضمون متكاثرة كما تقدمت في فصل التكبير والتسليم فلا مجال للتوقف في ذلك. وبذلك يظهر انه لا يجوز قطع الصلاة ولا الخروج منها الا بالتسليم. نعم يستثني من ذلك ما دلت النصوص على جواز القطع له كما يأتي ان شاء الله تعالى.
ويؤيده ما رواه الشيخ والكليني في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج (٣)
__________________
(١) سورة محمد الآية ٣٥.
(٢) الوسائل الباب ١ من تكبيرة الإحرام و ١ من التسليم.
(٣) الوسائل الباب ٨ من قواطع الصلاة. والمسؤول كما في الفروع ج ١ ص ١٠١ والتهذيب ج ١ ص ٢٢٨ والوافي باب «الحديث ومقدماته والنوم في الصلاة» والوسائل هو أبو الحسن «ع».