إذا حذف الواو صار قولهم الذي قالوه بنفسه مردودا عليهم خاصة وإذا أثبت الواو وقع الاشتراك معهم في ما قالوه لأن الواو تجمع بين الشيئين. والمثبتون للواو اختلفوا فقال بعضهم انها للاستئناف لا العطف فلا تقتضي الاشتراك. وقال عياض : هذا بعيد والاولى ان يقال الواو على بابها من العطف غير انا نجاب فيهم ولا يجابون فينا كما دل عليه الحديث. ثم قال حذف الواو أصح معنى وإثباتها أصح رواية وأشهر. انتهى.
وقال بعض أصحابنا بعد نقل ذلك : وهذا ليس بأولى لأن المفسدة قبول المجيب دعاءهم على نفسه وتقريره عليها وقبول المشاركة وهي باقية غير مدفوعة بما ذكره. ثم قال ثم أقول ويمكن ان يقال إذا علم المجيب انهم قالوا «السام عليك» يجيب ب «عليكم» بدون واو كما فعله (صلىاللهعليهوآله) وإذا علم انهم قالوا «السلام عليك» كما هو المعروف في التحية يجيب بقوله «وعليكم» فيقبل سلامهم على نفسه ويقرره عليها ويأتي بلفظ يفيد المشاركة إلا ان ذلك لا ينفعهم وفائدته مجرد الرفق وتأليف القلوب ، وكذا يصح ان يجب ب «عليك» بدون واو ، وبذلك يتحقق الجمع بين الروايات. انتهى كلامه زيد مقامه. أقول : ما ذكره من الجمع جيد الا ان الظاهر ان الأجود منه حمل رواية غياث على التقية (١) لأنه لم يرد لفظ الواو في غيرها من الروايات المتقدمة ، ويعضده ان الراوي عامي بتري (٢) فهو موافق لأكثر رواياتهم وأصحها كما عرفت من كلامهم.
ثم انه هل يجب الرد عليهم؟ استشكله بعض الأصحاب ثم قال ولعل العدم أقوى. وقال الفاضل المازندراني في حاشيته على الكتاب : ثم ان الأمر بردهم على سبيل الرخصة والجواز دون الوجوب وان احتمل نظرا الى ظاهره كما نقل عن ابن عباس والشعبي وقتادة من العامة ، واستدلوا بعموم الآية «وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها» حيث قال بأحسن منها للمسلمين وقوله «أَوْ رُدُّوها»
__________________
(١) ارجع الى التعليقة ٤ ص ٨٦.
(٢) رجال المامقاني ج ٢ ص ٣٦٦.