لما ذكرناه فلا أقل ان يكون هو الأرجح والأظهر ومع التنزل فلا أقل أن يكون مساويا لما ذكروه ، وبه يبطل ما زعموه من حمل كلامه على الخلاف في تلك المسائل فإنه متى قام الاحتمال بطل الاستدلال كما هو بينهم مسلم في مقام البحث والجدال. والله العالم.
(المسألة الخامسة) قد صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأن الشك انما يعتبر مع تساوى الطرفين واما مع الظن بأحدهما فإنه يبنى على الظن ، ومعناه تقدير الصلاة كأنها وقعت على هذا الوجه المظنون سواء اقتضى الصحة أو الفساد.
وظاهر كلامهم انه لا فرق في حمل الشك على هذا المعنى بين ما إذا شك في الأعداد أو الأفعال ، وقد عرفت في ما تقدم انه في الأفعال محل اشكال لما قدمناه في المسألة الثانية ، وأما في الأعداد فإنه لا اشكال فيه لدلالة الأخبار على البناء على الظن فيها فالمراد بالشك فيها ما هو عبارة عن تساوى طرفي ما شك فيه ، فلو شك بين الاثنتين والثلاث وظن الثلاث بنى عليه من غير احتياط ، ولو شك بين الأربع والخمس وظن الأربع بنى عليه من غير سجود السهو ، ولو ظن كونها خمسا كان كمن زاد ركعة فيجيء فيه الخلاف المتقدم في هذه المسألة.
وقد وقع في كثير من عبائر الأصحاب التعبير هنا بغلبة الظن وربما أشعر بعدم الاكتفاء بمطلق الظن مع انه خلاف النص والفتوى كقوله (عليهالسلام) (١) «إذا وقع وهمك على الثلاث فابن عليه وان وقع وهمك على الأربع فسلم وانصرف». والمراد بالوهم هنا هو الظن وهو الطرف الراجح ويرجع الى مطلق ترجيح أحد النقيضين ، ولا يمكن حمله على معناه المصرح به في كلام أهل المعقول فإنه باطل إجماعا ، وحينئذ فلا وجه لاعتبار ما زاد على مجرد الظن. قال في الروض : وكأن من عبر بالغلبة تجوز بسبب ان الظن لما كان غالبا بالنسبة إلى الشك والوهم وصفه بما
__________________
(١) هذا المضمون ورد في رواية عبد الرحمن بن سيابة وابى العباس الواردة في الوسائل في الباب ٧ من الخلل في الصلاة. واللفظ فيها الرأي بدل الوهم.