لا مجرد خروج الدمع اقتصارا على موضع الوفاق ان تم. انتهى. وبعضهم علله بما قدمنا ذكره.
ثم ان ظاهر كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) من حيث تعليقهم الإبطال بالأمور الدنيوية الذي هو أعم من ان يكون لفوتها أو لطلبها هو حصول الإبطال بالبكاء لطلب ولد أو مال أو شفاء مريض أو نحو ذلك ، وهو مشكل لأنه مأمور به ومندوب إليه في الأخبار ، مع ان ظاهر الخبر الذي هو مستند هذا الحكم إنما هو فواتها لا طلبها. وحينئذ فالظاهر انه لا تبطل بالبكاء لطلبها. ولا يعارض ذلك بمفهوم صدر الخبر لدلالته على انه ما لم يكن من الأمور الأخروية يكون مبطلا ، لأنا نقول مفهوم صدر الخبر انه ما لم يكن كذلك ليس أفضل الأعمال وعدم كونه أفضل الأعمال لا يوجب البطلان.
هذا. واما ما يدل من الأخبار على عدم الإبطال بالبكاء للأمور الأخروية ـ من الشوق إلى الجنة أو الخوف من العذاب أو الندامة على الذنوب بل هو من أفضل الأعمال عند ذي الجلال كما استفاضت به اخبار الآل (صلوات الله وسلامه عليهم ما ترادفت الأيام والليالي) وعضدته الآيات الواردة في الكتاب العزيز كقوله عزوجل «إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا» (١) ـ
فمنها ـ ما صح عن النبي (صلىاللهعليهوآله) (٢) «انه قال لعلى (عليهالسلام) في جملة وصيته له : والرابعة كثرة البكاء لله يبنى لك بكل دمعة ألف بيت في الجنة».
وما رواه الصدوق (قدسسره) عن منصور بن يونس بزرج (٣) «انه سأل الصادق (عليهالسلام) عن الرجل يتباكى في الصلاة المفروضة حتى يبكي؟ قال قرة عين والله. وقال إذا كان ذلك فاذكرني عنده».
__________________
(١) سورة مريم الآية ٥٩.
(٢) البحار ج ١٩ باب فضل البكاء وذم جمود العين.
(٣) الوسائل الباب ٥ من قواطع الصلاة.