إليه وهمه فيبني عليه وبين ما لم يكن كذلك فيعمل فيه بموجب الشك في المسألة. وقوله : «ان رأى أنه في الثالثة وفي قلبه من الرابعة شيء» بمعنى مساواته لما رآه في الثالثة فيحمل على الشك الموجب لتساوى الطرفين.
وأما ما ذكره المحدث الكاشاني ـ بعد نقله لهذه الرواية حيث قال : هذا برزخ بين الفصل والوصل لان سهوه برزخ بين الظن والشك. انتهى ـ فلا أعرف له وجها وجيها لما عرفت من انه مع ظن أحد الطرفين فإنه يجب البناء عليه ولا احتياط كما ذكره الأصحاب (رحمهمالله) وعليه دلت صحيحة عبد الرحمن ابن سيابة وابى العباس وصحيحة الحلبي أو حسنته وغيرهما (١) وان تساوى الطرفان فالواجب البناء على الأكثر والاحتياط كما هو المشهور وهو الذي عبر عنه بالفصل ، وعلى القول الآخر يتخير بينه وبين البناء على الأقل والإتمام وهو الذي عبر عنه بالوصل ، وحينئذ فهذه الرواية ان حملت على المعنى الأول أشكل الأمر فيها بالاحتياط المذكور وان حملت على المعنى الثاني ـ وان كان خلاف ظاهرها ـ فلا إشكال. والفصل والوصل الذي ذكره محله إنما هو في صورة الشك وتساوى الطرفين فإنه عنده يتخير بين البناء على الأقل ولا احتياط وهو المسمى بالوصل وبين البناء على الأكثر والاحتياط ، وما في هذا الخبر لا يخرج عن أحد الفردين المتقدمين ليكون برزخا وواسطة في البين ، فان زعم ان ذلك باعتبار قوله : «وفي قلبه من الرابعة شيء» فإنه لا يخفى ان كل من رجح أحد الطرفين وظنه فان في قلبه شيئا من الطرف الآخر وهو المسمى عندهم بالوهم ولكن لا عمل عليه في مقابلة الظن. وبالجملة فإن كلامه غير موجه ولا واضح.
وأما ما نقل عن ابن الجنيد ـ من القول بالتخيير ، وعن الصدوق بزعمهم ـ فلم أقف له على خبر يدل عليه ، إلا انه قال في المدارك : احتج القائلون بالتخيير بأن فيه جمعا بين ما تضمن البناء على الأكثر وبين ما تضمن البناء على الأقل
__________________
(١) ص ٢٢٨.