الخامسة عشرة ـ قد عرفت من جملة من الأخبار المتقدمة في صدر المسألة جواز التسليم على المصلى بل استحبابه وقد صرح جمع من الأصحاب (رضوان الله عليهم) انه لا يكره السلام على المصلى للعموم.
وفيه ان رواية الخصال المتقدمة ثمة (١) ـ وهي من الموثقات عن مسعدة بن صدقة قال فيها : «لا تسلموا على اليهود ولا على النصارى ولا على المجوس ولا على عبدة الأوثان ولا على موائد شراب الخمر ولا على صاحب الشطرنج والنرد ولا على المخنث ولا على الشاعر الذي يقذف المحصنات ولا على المصلى. إلى آخر ما تقدم ثمة». ـ ظاهرة في النهي عن ذلك ، وقد عللها بما ذكره من ان المصلى لا يستطيع ان يرد السلام لان التسليم من المسلم تطوع والرد فريضة ، والظاهر ان المقصود من التعليل المذكور انه لما كان الرد فريضة فلا بد له أن يرد متى سلم عليه وفي ذلك شغل له عن التوجه والإقبال على صلاته ، فمعنى كونه لا يستطيع أن يرد السلام اى من حيث استلزامه للشغل له.
ويعضد هذه الرواية أيضا ما رواه في قرب الاسناد عن الحسن بن ظريف عن الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد (عليهماالسلام) (٢) قال : «كنت أسمع أبي يقول إذا دخلت المسجد الحرام والقوم يصلون فلا تسلم عليهم وسلم على النبي (صلىاللهعليهوآله) ثم أقبل على صلاتك ، وإذا دخلت على قوم جلوس يتحدثون فسلم عليهم».
وظاهر صاحب المدارك الميل الى القول بالكراهة لهذه الرواية الأخيرة حيث انه قال ـ بعد ان نقل عن جمع من الأصحاب انه لا يكره السلام على المصلى للعموم ـ ما لفظه : ويمكن القول بالكراهة لما رواه عبد الله بن جعفر في كتابه قرب الاسناد عن الصادق (عليهالسلام). الى آخر ما تقدم.
أقول : الأظهر عندي حمل ما دل على المنع على التقية لما تقدم من ان
__________________
(١) ص ٦٥ وفي الوسائل الباب ٢٨ من أحكام العشرة.
(٢) الوسائل الباب ١٧ من قواطع الصلاة.