مقتضى مضمونها هو الوجوب العيني من غير شرط ولا تخيير فإن أصحابنا المخالفين لنا في المسألة ـ كما عرفت آنفا وستعرف ـ معترفون بدلالة هذه الأخبار على الوجوب العيني وانما صرفهم عنها ما يزعمه شذوذ منهم أنها اخبار آحاد وآخرون الإجماع على نفى الوجوب العيني فيرتكب التأويل فيها بالحمل على الوجوب التخييري جمعا بين الأدلة ، وحينئذ فمن ليس لهذا الإجماع عنده عين ولا أثر كالصدوق ونحوه من المتقدمين الذين لا يتجاوزون مدلول الأخبار وبها افتاؤهم وعليها عملهم مع الكتاب العزيز على ممر الأدوار والأعصار فلا ريب في نسبة هذا القول اليه بذكره هذه الاخبار ونقلها في كتابه بعد ان يعنون الباب بالوجوب.
وقال (قدسسره) في المقنع في باب صلاة الجمعة : وان صليت الظهر مع الإمام بخطبة صليت ركعتين وان صليت بغير خطبة صليتها أربعا وقد فرض الله تعالى من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة : منها صلاة واحدة فرضها الله تعالى في جماعة وهي الجمعة ووضعها عن تسعة : الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض والأعمى ومن كان على رأس فرسخين ، ومن صلاها وحده فليصلها أربعا كصلاة الظهر في سائر الأيام.
قال شيخنا الشهيد الثاني في الرسالة الموضوعة في المسألة : ودلالة هذه العبارة على المراد واضحة. من وجوه : (منها) قوله «وان صليت الظهر مع الإمام. الى آخره» فان المراد بالإمام حيث يطلق في مقام الاقتداء من يقتدى به في الصلاة أعم من كونه السلطان العادل أو غيره. وهذه العبارة خلاصة قول الصادق عليهالسلام في موثقة سماعة (١) حيث سأله عن الصلاة يوم الجمعة فقال : «اما مع الامام فركعتان واما من يصلى وحده فهي أربع ركعات بمنزلة الظهر يعني إذا كان امام يخطب فإذا لم يكن امام يخطب فهي أربع ركعات وان صلوا جماعة». هذا آخر الحديث والصدوق طريقته في هذا الكتاب ان يذكر متون الأحاديث مجردة عن الأسانيد
__________________
(١) الوسائل الباب ٥ من صلاة الجمعة وآدابها.