القواعد الشرعية ، وبالغ بعض الأصحاب (رضوان الله عليهم) في ذلك فقال تبطل الصلاة لو اشتغل بالأذكار ولما يرد السلام ، وهو من مشرب اجتماع الأمر والنهى في الصلاة كما سبق والأصح عدم البطلان بترك رده.
أقول : لا ريب ان جل الأخبار التي قدمناها ظاهرة في المشروعية بل الوجوب ، للأمر بذلك الذي هو حقيقة في الوجوب في موثقة سماعة وصحيحة محمد ابن مسلم المروية في الفقيه (١) مضافا الى الآية ، وباقي الأخبار تدل على المشروعية وكأنه أشار بالخبرين الآتيين إلى موثقة عمار وصحيحة منصور (٢) الدالتين على الرد خفيا لأنه مع عدم الإسماع لا يتحقق الرد كما تقدم تحقيقه.
الثامنة ـ قد تكاثرت الأخبار باستحباب الابتداء بالسلام وظاهرها أفضليته على الرد وان كان الرد واجبا ، وهذا أحد المواضع التي صرحوا فيها بأفضلية المستحب على الواجب :
روى في الكافي عن السكوني عن ابى عبد الله (عليهالسلام) (٣) قال : «قال رسول الله (صلىاللهعليهوآله) السلام تطوع والرد فريضة».
وعن عبد الله بن سنان في الصحيح عن ابى عبد الله (عليهالسلام) (٤) قال : «البادئ بالسلام اولى بالله وبرسوله صلىاللهعليهوآله».
وعن محمد بن مسلم عن ابى جعفر (عليهالسلام) (٥) قال : «كان سليمان (عليهالسلام) يقول أفشوا سلام الله تعالى فان سلام الله لا ينال الظالمين».
أقول : المراد بإفشاء السلام هو ان يسلم على كل من يلقاه من المسلمين ولو كان ظالما ، وحيث كان السلام بمعنى الرحمة والسلامة من آفات الدنيا ومكاره الآخرة فإنه لا ينفع الظالمين ولا ينالهم ونفعه انما يعود الى المسلم خاصة.
__________________
(١) ص ٦٤.
(٢) ص ٦٥.
(٣ و ٤) الوسائل الباب ٣٣ من أحكام العشرة.
(٥) الوسائل الباب ٣٤ من أحكام العشرة.