بها في جملة من الروايات التي علم الفصل فيها بقرائن آخر كما قدمنا ذكره ، وغاية ما يلزم انها باعتبار عدم التصريح بالفصل وعدم وجود قرينة أخرى على ارادة الفصل مجملة محتملة لكل من الأمرين لا انها تكون صريحة أو ظاهرة في ما يدعيه ولهذا ان صاحب الذخيرة ـ بعد نقل رواية أبي بصير المتقدمة التي هي في الإجمال مثل هذه الرواية ـ قال يمكن ان يحمل على البناء على الأقل والأكثر ولا يبعد ادعاء ظهوره في الأول. انتهى. وادعاء ظهوره في الأول ممنوع لما عرفت.
وبالجملة فإنه مع هذا الإجمال لا يصح الاستناد إليها أو الى غيرها متى كان كذلك في إثبات حكم شرعي مخالف للاخبار الصحيحة الصريحة المتكاثرة المعتضدة بفتوى الأصحاب قديما وحديثا عدا من وقع في هذا الوهم من هؤلاء المذكورين ولا ريب ان هذا التعبير وهذا الإجمال انما نشأ من معلومية الحكم يومئذ وكم مثله في سعة التجوز في العبارات كما لا يخفى على من خاض بحور الاستدلالات وتتبع المقالات ، بل الواجب حمل إجمالها على ما فصل في غيرها.
وكيف كان فإنك قد عرفت ان كلامهم في هذه الروايات انما نشأ من تلك الأخبار المطلقة في البناء على الأقل فإنهم اتخذوها كالأساس ، ونحن قد هدمنا بحمد الله سبحانه بنيانها وزعزعنا أركانها فزال الالتباس. ولم تر مثل هذا التحقيق الرشيق في غير زبرنا ومصنفاتنا فتأمله بعين البصيرة وأنظره بمقلة عير حسيرة ليظهر لك ما في الزوايا من الخبايا.
ونقل في المختلف عن ابن بابويه في كتاب المقنع انه يعيد الصلاة ، وربما كان مستنده ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد (١) ـ وهو ابن مسلم على الظاهر ـ قال : «سألته عن الرجل لا يدرى صلى ركعتين أم أربعا؟ قال يعيد الصلاة». والجواب عنها ما تقدم من الجواب عن صحيحة عبيد بن زرارة المذكورة في مسألة الشك بين الاثنتين والثلاث ويجب حملها على ما حملت تلك عليه. والشيخ حملها على الشك في
__________________
(١) الوسائل الباب ١١ من الخلل في الصلاة.