على جميع الأقطار هو الوجوب العيني الذي لا يختلجه الشك منها والإنكار متى لوحظت في حد ذاتها بعين الإنصاف والاعتبار إلا ان الشبهة قد دخلت على جل أصحابنا (رضوان الله عليهم) في هذه المسألة من وجهين فاسقطوا بذلك فيها الوجوب العيني من البين : (أحدهما) عدم جواز العمل بخبر الواحد فان بعضا منهم منع من العمل به وبعضا توقف في ذلك وتحقيق ذلك في الأصول. و (ثانيهما) من أخذ الإجماع مدركا شرعيا كالكتاب والسنة النبوية وجعله دليلا مرعيا يعتمد عليه في الأحكام الشرعية ، فالكلام هنا يقع في مقامين :
(الأول) ـ في العمل بخبر الواحد فانا نقول بتوفيق الله تعالى وهدايته وعنايته : ان أخبارنا المروية في كتب الأخبار المصنفة من علمائنا الأبرار وان صدق عليها اخبار الآحاد باعتبار المقابلة بالمتواتر إلا انها قد اعتضدت بالقرائن الدالة على صحتها عن الأئمة الطاهرين كما صرح به جملة من علمائنا المحققين : منهم ـ شيخ الطائفة في صدر كتاب الاستبصار وكتاب العدة وغيره في غيرهما ، بل صرح بذلك المرتضى (رضى الله عنه) الذي هو أحد المنقول عنه تلك المقالة كما نقله عنه في المعالم. ولا يخفى ان عمل أصحابنا (رضوان الله عليهم) قديمهم وحديثهم مجتهدهم واخباريهم إنما هو على هذه الأخبار وبناء مذهبهم إنما هو عليها ، وقد قيض الله تعالى بلطيف حكمته ومنيف عنايته أقواما من الثقات الصادقين في زمن الأئمة الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) لجمع الأخبار المسموعة عنهم (عليهمالسلام) وتدوينها في الأصول المشهورة وهي أربعمائة أصل كما صرح به جملة من الأصحاب وأمروا من أهل البيت (صلوات الله عليهم أجمعين) بتدوينها وحفظها لعلهم بما يحدث من التقية والحيرة بعد غيبة قائمهم (عليهمالسلام) وانسداد أبواب استفادة الأحكام التي كانت في زمانهم وزمان نواب قائمهم مشرعة لجملة الأنام فالعمل والمدار في الإيراد والإصدار إنما هو على هذه الاخبار كما لا يخفى على ذوي البصائر والأبصار.
ولنكتف هنا بنقل كلام المحقق المدقق صاحب المعالم في المقام ونذكره مع طوله لجودة محصوله وان طال به زمام الكلام فنقول :