وإلا فهو مما يرمى به جزافا كما هو المقرر في قواعدهم فإنهم لا يجمعون بين الدليلين إلا مع التكافؤ في الصحة والصراحة وإلا فتراهم يطرحون المرجوح. وهذا بحمد الله سبحانه واضح للمنصف غاية الوضوح.
و (ثالثا) ـ ما عرفته في ما تقدم من اتفاق كلمات جملة من علمائنا الاعلام على تعذر الإجماع في زمن الغيبة لما وجهوه به من الوجوه النيرة الظاهرة التي لا يتطرق المنع إليها إلا بطريق المكابرة.
وجملة منهم قد تمحلوا لتصحيح هذا الإجماع المدعى في المقام فاصطنعوا له دليلا ليجدوا اليه سبيلا ، فقالوا ـ كما تقدمهم فيه العامة العمياء (١) وكم قد تبعوهم في أمثال هذه الظلماء ـ ان الاجتماع لما كان مظنة النزاع ومثار الفتن والحكمة موجبة لحسم مادة الاختلاف فالواجب قصر الأمر في ذلك على الإمام بأن يكون هو المباشر لهذه الصلاة أو الاذن فيها وان النبي صلىاللهعليهوآله ومن بعده من الخلفاء كانوا يعينون أئمة الجمعات.
قال المحقق في المعتبر : مسألة ـ السلطان العادل أو نائبه شرط في وجوب الجمعة وهو قول علمائنا ، ثم نقل الخلاف فيه عن فقهاء العامة ، ثم قال والبحث في مقامين (أحدهما) في اشتراط الإمام أو نائبه والمصادمة مع الشافعي (٢) ومعتمدنا فعل النبي
__________________
(١) قال في بدائع الصنائع ج ١ ص ٢٦١ «شرط أداء الجمعة عندنا السلطان حتى لا تجوز إقامتها بدون حضرته أو حضرة نائبه خلافا للشافعي فلم يعتبر السلطان ، ولنا ان النبي (ص) شرط الإمام لإلحاق الوعيد بتارك الجمعة بقوله في الحديث عنه (ص) «وله امام عادل أو جائر» ولانه لو لم يشترط السلطان لأدى إلى الفتنة لأن هذه الصلاة تؤدى بجمع عظيم والتقدم على جميع أهل المصر يعد من باب الشرف والرفعة فيتسارع الى ذلك كل من جبل على علو الهمة والميل إلى الرئاسة فيقع بينهم التجاذب والتنازع فيؤدي ذلك الى التقاتل ففوض ذلك الى الوالي ليقوم به أو ينصب من رآه أهلا له فيمتنع غيره من الناس عن المنازعة لما يرى من طاعة الوالي أو خوفا من عقوبته».
(٢) بدائع الصنائع ج ١ ص ٢٦١ وفي المغني ج ٢ ص ٣٣٠ «اختلفت الرواية