أو يصيب منها عنتا؟ فقال لا بأس بأن يقطع صلاته ويتحرز ويعود الى صلاته».
أقول : والحديث الأول وان دل على قطع الصلاة إلا انه غير صريح ولا ظاهر في الإعادة من رأس بعد الإتيان بتلك الأشياء بل من الجائز بناؤه على ما مضى إلا مع وقوع أحد المبطلات في البين من كلام عمدا أو استدبار أو نحو ذلك ، وكذا آخر الحديث الثاني وقوله فيه : «ويعود الى صلاته» بل هو ظاهر في البناء على ما مضى كما لا يخفى ، وعلى هذا يجب حمل صدر الخبر الثاني وقوله فيه «ثم يستقبل الصلاة» على ما إذا استلزم أحد المبطلات. وبالجملة فالخبران غير صريحين في ما ادعاه الأصحاب من إبطال الصلاة بهذه الأشياء إلا أن يدعى ان القطع إنما يطلق على الإبطال خاصة ولهذا سموا مبطلات الصلاة قواطع في عباراتهم. وهو غير بعيد إذ هو المتبادر من ظاهر هذا اللفظ.
وقسم الشهيدان القطع ههنا إلى الأقسام الخمسة ، فقال في الذكرى بعد حكمه أولا بتحريم القطع إلا في مواضع الضرورة : وقد يجب القطع كما في حفظ الصبي والمال المحترم من التلف وإنقاذ الغريق والمحترق ، وحيث يتعين عليه فلو استمر بطلت صلاته للنهى المفسد للعبادة ، وقد لا يجب بل يباح كقتل الحية التي لا يغلب على الظن أذاها وإحراز المال الذي لا يضر فوته ، وقد يستحب كالقطع لاستدراك الأذان والإقامة وقراءة الجمعة والمنافقين في الظهر والجمعة والائتمام بإمام الأصل وغيره ، وقد يكره كإحراز المال اليسير الذي لا يبالي بفوته مع احتمال التحريم. انتهى
أقول : ما ذكراه (قدسسرهما) في صورة وجوب القطع من الكم ببطلان الصلاة لو تعين عليه واستمر في صلاته مبنى على استلزام الأمر بالشيء النهي عن ضده الخاص والظاهر منه في غير موضع من كتابه المذكور عدم القول بذلك ، وبالجملة فالحكم بالبطلان ضعيف بل غايته حصول الإثم.
واما ما ذكراه في صورتي الإباحة والكراهة فمحل إشكال ، لأن الدليل قد دل على تحريم القطع كما قدمنا بيانه ولا يجوز الخروج عنه إلا بدليل ظاهر الدلالة