بالبناء على الأقل وما سمعت أحدا تعرض لهذه الدقيقة ، وفي حديث عمار الآتي إشارة الى ذلك فلا تكونن من الغافلين. انتهى.
أقول : أشار بحديث عمار الى روايته التي قدمناها (١) وهي قوله (عليهالسلام): «كل ما دخل عليك من الشك في صلاتك فاعمل على الأكثر. إلخ». فإنه قد قال بعدها : هذه هي الضابطة الكلية المشتملة على أكثر أخبار هذا الباب وهي فذلكتها وفي مقابلتها ضابطة أخرى هي البناء على الأقل وإتمام الصلاة جملة واحدة. انتهى.
ولا بد في دفع هذه الأوهام التي وقع فيها هؤلاء الأعلام من نقل جملة من الروايات الواردة في المقام وبيان ما اشتملت عليه من المراتب في الإيضاح والإفهام عن ذلك المعنى الذي اضطربت فيه هذه الافهام. لكن ينبغي أن يعلم أولا انه لما ثبت بما حققناه آنفا ان هذه الاخبار الصريحة في البناء على الأقل مطلقا إنما خرجت مخرج التقية (٢) والعمل إنما هو على الاخبار الدالة على البناء على الأكثر مطلقا كان أو في خصوص هذه الصور فالواجب حمل ما دل من هذه الأخبار الواردة في هذه الصور المذكورة على التقية أيضا لو كان صريحا في البناء على الأقل والإعراض عن العمل به فكيف وهو قابل للحمل على تلك الروايات المفصلة بل بعضه ظاهر في ذلك. وهذه الجملة كافية في دفع شبهة هذا الخصم ولكنا مع ذلك نستظهر بنقل الروايات التي أشرنا إليها :
فمن ذلك ـ الصحيحة التي ذكر المحدث المذكور هذا الكلام على أثرها فإنه (عليهالسلام) قد أجمل في صدرها وعجزها إلا ان صدرها أظهر في الدلالة على ما ندعيه لأن ذكر فاتحة الكتاب قرينة على إرادة الاحتياط كما هو مصرح به في غيرها وان كانت القراءة في الأخيرتين جائزة من حيث التخيير بناء على المشهور لكنه لم يجر في هذه الأخبار ولا عبر به في شيء منها بل ذكر القراءة في روايات الاحتياط كلها إنما هو من حيث الفصل ، وكأنهم (ع) قصدوا إلى أنها صلاة منفردة لا بد فيها
__________________
(١) ص ٢١١.
(٢) ص ٢٢٣.