إليها فهو مبنى على ما تقرر في كلامهم من ان الشك عبارة عن تساوى الاعتقادين وتكافؤهما ، ونحن قد قدمنا لك في صدر هذا المطلب ان الشك لغة ـ كما صرح به جملة من أئمة اللغة ـ أعم من هذا المعنى ومن الظن ، وهم قد قرروا في غير مقام ان الواجب مع فقد الحقيقة الشرعية والعرفية الخاصة الرجوع الى الحقيقة اللغوية وكلام أهل اللغة كما ترى أعم ، وحينئذ فكما يجوز حمل الشك في هذه الاخبار على المعنى الذي ذكروه يجوز حمله على الظن أيضا الذي هو أحد معنييه لغة ، وحينئذ فلا تقوم هذه الأخبار حجة على ما ادعوه مع ما عرفت من تصريح الأخبار المتقدمة باشتراط اليقين في الأوليين في صحة الصلاة فلا يبعد ان تكون الثنائية والثلاثية كذلك وبه يحصل الإشكال في هذا المجال لتشابه الدليل المذكور بتعدد الاحتمال.
إذا عرفت ذلك فاعلم ان المفهوم من النصوص وكلام جل الأصحاب ـ كما أشرنا إليه آنفا ـ انه مع حصول الظن والبناء عليه فإنه في قوة وقوع الصلاة كذلك عن علم ويقين إن أوجب صحة أو إبطالا وانه لا احتياط مع ذلك. ولم يوجد الخلاف في هذا الحكم إلا في كلام الشيخ على بن بابويه (قدسسره) في الرسالة ومنه ما تقدم في المسألة الثالثة من قوله «وان شك ثانيا وتوهم الثانية بنى عليها ثم احتاط بعد التسليم بركعتين قاعدا» وما سيأتي ان شاء الله في مسألة الشك بين الاثنتين والثلاث من انه إذا حصل الظن بالثلاث يبنى عليه ويتم ويصلى صلاة الاحتياط ركعة قائما ويسجد سجدتي السهو. وهو شاذ وان كان مأخذه انما هو كتاب الفقه الرضوي كما عرفت وستعرف.
ثم انه قد صرح شيخنا الشهيد الثاني بأن من عرض له الشك في شيء من أفعال الصلاة يجب عليه التروي فإن ترجح عنده أحد الطرفين بنى عليه وان بقي الشك بلا ترجح لزمه حكم الشاك.
وأنت خبير بأن الأخبار خالية من ذلك وتقييد إطلاقها من غير دليل مشكل وان كان الأحوط ما ذكره (قدسسره) والله العالم.