وعبد الملك الدال أولهما على قوله «حثنا أبو عبد الله عليهالسلام. الى آخره». وثانيهما على قوله عليهالسلام «مثلك يهلك ولم يصل فريضة فرضها الله». باعتبار ان ظاهر الخبرين يشعر بان الرجلين كانا متهاونين بالجمعة مع انهما من أجلاء الأصحاب وفقهاء أصحابهما (عليهماالسلام) ولم يقع منهما إنكار بليغ عليهما بل حثاهما على فعلها فدل ذلك على ان الوجوب ليس عينيا وإلا لانكرا عليهما بتركها كمال الإنكار ، نعم يستفاد من حثهما وقوله عليهالسلام «فريضة فرضها الله» وجوبها في الجملة فيحمل على التخييري (١) أقول ـ وبالله سبحانه الاستعانة والتوفيق إلى هداية سواء الطريق وازالة شبه التعويق ـ : لا يخفى ما في هذا الكلام من انحلال الزمام واختلال النظام بعد ما عرفت في المقام ولكن لا مندوحة عن بيان ما فيه مما يكشف عن فساد باطنه وخافية وذلك من وجوه :
(الأول) ـ ما ادعاه من الإجماع على اشتراط السلطان العادل أو نائبه في وجوب الجمعة فإن فيه (أولا) ما عرفت من الطعن في الإجماع وعدم تحققه في زمن الغيبة ولا سيما بعد وجود المخالف كما تقدم ، ولا ريب ان هذا الاشتراط مذهب المخالفين كالحنفية وغيرهم (٢) وأصحابنا قد تبعوهم فيه كما تبعوهم في حجية الإجماع والاعتماد عليه ونحو ذلك مما استحسنوه من أصولهم فلا اعتداد به ولا سيما في مقابلة الأخبار التي قدمناها بل لو فرضنا وجود خبر بهذا الشرط لوجب حمله على التقية لما عرفت ، بل لقائل أن يقول لو قلبت هذه الدعوى بان يدعى الإجماع على الوجوب العيني لكان وجها إذ لا كلام في الوجوب زمانه صلىاللهعليهوآله الى ان مات بغير نسخ ومقتضى الأصل والاستصحاب والأدلة الشرعية بقاؤه ، أما الأولان فظاهران. واما الثالث فللخبر المسلم (٣) «حلال محمد صلىاللهعليهوآله حلال الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة». ووجوب التأسي به في ما علم جهة وجوبه معلوم. ومجرد
__________________
(١) ارجع الى التعليقة ٣ ص ٤١١ ليتضح لك المطلب المذكور تماما.
(٢) ارجع الى التعليقة ٢ ص ٤٢٢.
(٣) ارجع الى التعليقة ١ ص ٤٠٣.