الاحتمالات في الشك الواحد ـ وقد أشرنا سابقا الى ان مثل هذا ليس من كثرة الشك في شيء ـ فينبغي حمله على علم الامام عليهالسلام من حال السائل انه كان كثير الشك لا من مجرد هذا السؤال أو دلالة قرائن الأحوال يومئذ على انه لا يصدر عنه مثل هذا الشك إلا من حيث كونه كثير الشك دائما.
(الثاني) ـ قد تقدمت الإشارة إلى الخلاف في ان الحكم المذكور هنا هل هو مخصوص بالشك أو شامل له وللسهو؟ وربما رجح الأول بنسبة ذلك الى الشيطان والذي يقع من الشيطان انما هو الشك واما السهو فهو من لوازم طبيعة الإنسان. وفيه نظر لتصريح الآيات والروايات بنسبة السهو ايضا الى الشيطان كقوله عزوجل «وَإِمّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ» (١) وقوله «وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ» (٢) مع ان الشك انما يحصل من الشيطان فلا فرق بينهما في ان كلا منهما من الشيطان.
والظاهر عندي هو العموم لان اخبار المسألة منها ما ورد بلفظ الشك ومنها ما ورد بلفظ السهو والقول بالعموم جامع للعمل بالأخبار كملا واما التخصيص بالشك فيحتاج إلى التأويل في اخبار السهو بالحمل على الشك وإخراجه عن ظاهر حقيقته اللغوية التي هي النسيان وهو يحتاج الى دليل مع انه لا ضرورة تلجئ اليه.
ويؤيد ما قلناه ما تشير إليه الأخبار المذكورة من ان العلة في هذا الحكم هو رفع الحرج والتخفيف على المكلفين لأن الإعادة موجبة للزيادة حيث ان ذلك من الشيطان وهو معتاد لما عود ، وهذا مما يجري في الشك والسهو.
وممن وافقنا في المقام الفاضل الخراساني في الذخيرة مع اقتفائه أثر صاحب المدارك غالبا فقال : واعلم ان ظاهر عبارات كثير من الأصحاب التسوية بين الشك والسهو في عدم الالتفات إليهما بل شمول الحكم للسهو في كلامهم أظهر. وهو ظاهر النصوص. وفي عبارة المعتبر وكلام المصنف في عدة من كتبه اشعار باختصاص الحكم بالشك. والأول يقتضي عدم الإبطال بالسهو في الركن وعدم
__________________
(١) سورة الانعام الآية ٦٧.
(٢) سورة الكهف الآية ٦٢.