وعدم الالتفات اليه مستندا إلى انه عليهالسلام أمره أولا بالإعادة ثم لما بالغ في الكثرة أمره بعدم الالتفات اليه.
وأنت خبير بما فيه من البعد عن سياق الخبر المذكور كما لا يخفى على المتأمل البصير ولا ينبئك مثل خبير ، فان نهيه عليهالسلام عن تعويد الخبيث وامره بالمضي في الشك ونهيه عن إكثار نقض الصلاة وذكر التعليلات المذكورة لا يجامع شيء منها التخيير فضلا عن اجتماعها وصراحتها في المدعى. وبالجملة فإن معنى الخبر انما هو ما قدمنا ذكره من حمل الكثرة في صدر الخبر على كثرة أطراف الشك ومحتملاته والكثرة بالمعنى المراد في المقام انما هي ما أشار إليه السائل بعد المراجعة بقوله : «فإنه يكثر عليه ذلك. إلخ» ومن ثم أمره عليهالسلام بالإعادة في الأول والمضي في الثاني
وبذلك يظهر لك ان ما ذكره المحقق المشار اليه غير موجه وان سبقه الى ذلك ايضا الشهيد الأول (طاب ثراه) في الذكرى حيث انه احتمل حمل الأمر بالمضي في الشك على الرخصة.
قال (قدسسره) في الكتاب المذكور لو اتى بعد الحكم بالكثرة بما شك فيه فالظاهر بطلان صلاته لأنه في حكم الزيادة في الصلاة متعمدا إلا ان يقال هذا رخصة لقول الباقر عليهالسلام (١) «فامض في صلاتك فإنه يوشك ان يدعك الشيطان». إذ الرخصة هنا غير واجبة. انتهى.
ولا يخفى ما فيه سيما مع عدم دلالة الخبر على ما يدعيه ان لم يدل على خلافه كما لا يخفى على من يتدبر في ما ذكرناه ويعيه ، فإن الأصل في الأوامر الواردة في هذه الأخبار بالمضي هو الوجوب والنواهي المانعة عن تعويد الشيطان من نفسه وعن إكثار نقض الصلاة هو التحريم ، وحملهما على المجاز يحتاج الى دليل لا بمجرد التشهي والظن.
واما ما يظهر من خبر على بن أبي حمزة من ان كثرة الشك تحصل بتعدد
__________________
(١) في صحيح محمد بن مسلم ص ٢٨٨.