من كونها مترتبة على الفوائت قبلها فلم نقف له على دليل بل إطلاق الأدلة يقتضي انتفاءه
وبالجملة فحيث كانت المسألة كسابقتها خالية من النصوص فالاحتياط فيها مطلوب وان كان الظاهر هو القول بالصحة كما عرفت في تلك المسألة. والله العالم.
(الثالث) ـ المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) تعين الفاتحة في صلاة الاحتياط ، وذهب ابن إدريس إلى التخيير بينها وبين التسبيح. والقول الأول هو المعتضد بالنصوص المتقدمة الصريحة في وجوب قراءة الفاتحة فيها ، ولا ينافي ذلك إطلاق بعض الأخبار بذكر ركعة أو ركعتين من غير تعرض لذكر الفاتحة ، فإنه محمول على تلك الأخبار حمل المطلق على المقيد كما هو القاعدة المشهورة المنصوصة أيضا.
واما ما ذكره في الذخيرة هنا ـ من احتمال حمل الأخبار الدالة على التعيين على الاستحباب حتى ادعى انه لا ترجيح لأحد التأويلين على الآخر ـ
ففيه (أولا) ما عرفت من ان هذه القاعدة في الجمع بين الأخبار وان اشتهر العمل بها بين الأصحاب بل لا عمل لهم على غيرها في جميع الأبواب إلا انه لا دليل عليها من سنة ولا كتاب بل ظاهر الأدلة المذكورة ردها ، فان الحمل على الاستحباب مجاز لا يجوز القول به إلا مع القرينة الصارفة عن الحمل على الحقيقة وليس فليس.
و (ثانيا) ان اللازم بمقتضى ما ذكره انه يتخير بين القراءة وعدمها وان كانت القراءة أفضل ولا قائل به ولا دلالة في ذلك على قول ابن إدريس.
وبالجملة فإن ما ذكره لا اعرف له وجها وجيها وانما التجأ إلى موافقة القول المشهور لقوله صلىاللهعليهوآله (١) «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب». قال وان لم يصل الى حد الحقيقة فالحمل عليه أقرب. ولا يخفى عليك ما فيه من الوهن لما عرفت في غير مقام مما تقدم من ان إطلاق الأحكام في الأخبار إنما يحمل على الافراد الشائعة المتكثرة فإنها هي التي يتبادر إليها الإطلاق دون الفروض النادرة ، على انك قد عرفت
__________________
(١) في صحيح مسلم ج ٢ ص ٩ «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» ..