ومنها ـ ما رواه في كتاب ثواب الأعمال في الصحيح أو الموثق عن ابى بصير ومحمد بن مسلم (١) قالا «سمعنا أبا جعفر عليهالسلام يقول : من ترك الجمعة ثلاثا متوالية بغير علة طبع الله على قلبه».
ومنها ـ ما رواه في كتاب عقاب الأعمال في الصحيح عن زرارة عن ابى جعفر عليهالسلام (٢) قال : «صلاة الجمعة فريضة والاجتماع إليها فريضة مع الإمام.».
أقول : فلينظر العاقل المنصف الى ما دلت عليه هذه الأخبار من الدلالة الصريحة الواضحة على وجوب هذه الفريضة المعظمة وجوبا عينيا من غير ما زعموه من الشرائط التي تمحلوها بمجرد آرائهم وعقولهم ، وهل ورد في مسألة من مسائل الفقه المسلمة بينهم مثل ما ورد في هذه المسألة من الأخبار؟ ولا معارض لها إلا ما يدعونه ويصولون به من الإجماع على نفى الوجوب العيني زمن الغيبة وقد عرفت آنفا ما فيه مما أوضح فساد باطنه وخافية ، وقصاراه مع تسليمه انه في قوة خبر مرسل ومن المقرر في كلامهم والمتفق عليه من قواعدهم انهم لا يجمعون بين الأدلة إلا مع التكافؤ في الصحة ، وهل يبلغ هذا الإجماع على تقدير ما ذكرنا إلى مقاومة خبر من هذه الأخبار فضلا عنها كلها حتى انه يجب تخصيصها به؟ ما هذا إلا قلة تأمل وانصاف بل عدم صيانة وعفاف وجرأة تامة على ترك هذه الفريضة الجليلة نعوذ بالله من زيغ الافهام وطغيان الأحلام وزلل أقدام الأقلام في أحكام الملك العلام (٣).
وممن اعترف بما قلناه من دلالة الأخبار المذكورة على الوجوب العيني شيخنا الشهيد في الذكرى إلا انه تعلل بان عمل الطائفة على عدم الوجوب العيني في سائر الأعصار والأمصار.
وفيه انك قد عرفت من كلام المشايخ الذين قدمنا نقل عبائرهم دلالة كلامهم
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ١ من صلاة الجمعة وآدابها.
(٣) ارجع الى التعليقة ٥ ص ٣٨٦ والتعليقة ٣ ص ٤١١ والتعليقة الآتية على كلام الشهيد الثاني.