أقول : لا يبعد القول بالبطلان هنا لا لما ذكره في التذكرة بل لشمول الأخبار المتقدمة للمكره لأنها قد اتفقت في الدلالة على ان من تكلم في صلاته فقد أبطلها ، وظاهرها أعم من أن يكون ذلك عن عمد أو سهو أو إكراه وقيد التعمد إنما وقع في كلام الأصحاب ، نعم قام الدليل على عدم البطلان بالنسبة إلى الكلام ساهيا فوجب استثناؤه من إطلاق تلك الأخبار وبقي ما عداه. والأصحاب (رضوان الله عليهم) بالنظر الى قيام الأدلة على استثناء الناسي وان صلاته صحيحة أطلقوا لفظ التعمد في جانب الأخبار الدالة على البطلان وقيدوها به وإلا فهي كما عرفت مطلقة شاملة بإطلاقها للعامد والناسي والمكره. وهذا بحمد الله سبحانه واضح. ثم انه لو ورد في شيء من اخبار البطلان قيد التعمد لكان الظاهر حمله على ما قابل الناسي الذي دلت عليه الأخبار وبقي المكره داخلا تحتها أيضا. وأما خبر «وما استكرهوا عليه» فغايته رفع الإثم بمعنى انه إذا أكره على ارتكاب فعل محرم فلا اثم عليه في فعله وان بطلت الصلاة به في ما نحن فيه.
وظاهره في الذكرى التوقف في الحكم المذكور وكذا في المدارك حيث قال : «وفي المكره وجهان أحوطهما الإعادة» مع ان ما ذكرناه من الإبطال بالتقريب المذكور واضح لا سترة عليه.
وكيف كان فإنه وان كان ما ذكرناه هو الأقرب لما عرفت إلا ان الاحتياط لعدم النص الصريح في المقام مما لا ينبغي تركه. والله العالم.
(الثالث) ـ الالتفات الى ما وراءه ، وكلام الأصحاب وكذا اخبار الباب لا يخلو في المقام من إجمال واضطراب :
قال في المعتبر : الالتفات يمينا وشمالا لا ينقض ثواب الصلاة والالتفات الى ما وراءه يبطلها لأن الاستقبال شرط صحة الصلاة فالالتفات بكله مفوت لشرطها. الى ان قال وأما كراهة الالتفات يمينا وشمالا بوجهه مع بقاء جسده مستقبلا فلرواية الحلبي (١). الى آخره.
__________________
(١) ص ٢٩.