في بيان بطلان القول به والاعتماد عليه في الأحكام الشرعية وعدم كونه مدركا لها وان اشتهر في كلامهم عده من المدارك القطعية كالكتاب العزيز والسنة النبوية ، ونزيده هنا بمزيد من التحقيق الرشيق والتدقيق الأنيق :
فنقول : قد عرفت مما قدمنا في المقام الأول دلالة خبر الثقلين على ان ما يعمل به أو عليه من حكم فرعى أو مدرك أصلي يجب أن يكون متمسكا فيه بكتاب الله تعالى واخبار العترة على ما مر من البيان لتحقق الأمن من الضلال والنجاة من أهوال المبدأ والمآل ، والزاعم لكون ذلك مدركا شرعيا زائدا على ما ذكره صلىاللهعليهوآله يحتاج إلى إقامة البرهان والدليل وليس له الى ذلك سبيل إلا مجرد القال والقيل
ومن الظاهر عند التأمل بعين الإنصاف وتجنب العصبية للمشهورات الموجبة للاعتسافات ان عد أصحابنا (رضوان الله عليهم) الإجماع مدركا إنما اقتفوا فيه العامة العمياء لاقتفائهم لهم في هذا العلم المسمى بعلم أصول الفقه وما اشتمل عليه من المسائل والأحكام والأبحاث وهذه المسألة من أمهات مسائله ، ولو ان لهذا العلم من أصله أصلا أصيلا لخرج عنهم (عليهمالسلام) ما يؤذن بذلك ، إذ لا يخفى على من لاحظ الأخبار انه لم يبق أمر من الأمور التي يجري عليها الإنسان في ورود أو صدور من أكل وشرب ونوم ونكاح وتزويج وخلاء وسفر وحضر ولبس ثياب ونحو ذلك إلا وقد خرجت الأخبار ببيان السنن فيه وكذا في الأحكام الشرعية نقيرها وقطميرها ، فكيف غفلوا (عليهمالسلام) عن هذا العلم مع انه كما زعموه مشتمل على أصول الأحكام الشرعية فهو كالأساس لها لابتنائها عليه ورجوعها اليه هذا ، وعلماء العامة كالشافعي وغيره في زمانهم (عليهمالسلام) كانوا عاكفين على هذه العلوم تصنيفا وتأليفا واستنباطا للأحكام الشرعية بها وجميع ذلك معلوم للشيعة في تلك الأيام فكيف غفلوا عن السؤال منهم عن شيء من مسائله؟ ومع غفلة الشيعة كيف رضيت الأئمة (عليهمالسلام) بذلك لهم ولم يهدوهم اليه ولم يوقفوهم عليه؟ مع كون مسائله أصولا للأحكام كما زعمه أولئك الأعلام ، ما هذا إلا عجب عجيب