وبالجملة فجملة من تأخر عن شيخنا الشهيد الثاني ووقفت على رسالته من الفضلاء المحققين فكلهم على الوجوب العيني إلا الشاذ النادر ممن قال بالتحريم أو الوجوب التخييري كما لا يخفى على من له انس واطلاع على العلماء وسيرهم وأحوالهم
وانما أطلنا الكلام بنقل كلام هؤلاء الأعلام وأسماء من ذهب الى هذا القول وان كان خارجا عن ما هو المقصود والمرام لما ذكره بعض الفضلاء المعاصرين (سامحه الله بعفوه وغفرانه) مما لا يليق ان ينسب إليه في هذا المقام ، حيث قال : الصنف السادس ـ جماعة جاهلون قاصرون أو غافلون أو متجاهلون متغافلون وهم الذين يقولون وجوب الجمعة في زمن الغيبة بالوجوب العيني أيضا من اليقينيات ، ينسبون فقهاءنا المتقدمين والمتأخرين إلى الإجماع على الجهل والقصور والغفلة والغرور نعوذ بالله من هذا. الى آخر كلامه ، فان فيه (أولا) ان القائلين بالوجوب العيني هم الأكثر كما عرفت من كلامنا وكلام شيخنا الشهيد الثاني وغيره. و (ثانيا) ان أحدا لم يقل ما ذكره من هذه الألفاظ الظاهرة في سوء الأدب وغاية ما ربما يقولون ان منشأ القول بالتخيير هو الغفلة عن تتبع الأدلة وإعطاء التأمل حقه في المسألة. وهذا ليس ببدع ولا منكر كما هو شائع في كلام علمائنا جيلا بعد جيلا ، على انه قد وقع منهم ما هو أعظم من ذلك كما سجل به المحقق والعلامة على ابن إدريس من الطعن فيه حتى نسبوه الى الجهل في جملة من المواضع ، ومن شيخنا المفيد في كتاب تصحيح اعتقادات الصدوق ورسالته التي في الرد عليه في عدم جواز السهو على المعصوم كما لا يخفى على من راجعها ، وهذه سجية بين العلماء جارية قديما وحديثا. وبالجملة فكلامه ـ دام ظله ـ لا يخلو من غفلة عن تتبع أقوال من نقلنا عنه القول بالوجوب وعدم الاطلاع على مذاهبهم وأقوالهم وعدم إعطاء النظر حقه في الأدلة والأخبار كما لا يخفى على من جاس خلال الديار والتقط من لذيذ هذه الثمار. وفي كلامه سلمه الله تعالى مناقشات واسعة ليس في التعرض لها كثير فائدة. فهذا ما ذكر من معى وذكر من قبلي (١) في إيجاب هذه الفريضة المعظمة والصلاة المحتمة.
__________________
(١) اقتباس من الآية ٢٤ سورة الأنبياء.