في الثالثة فقرأ أمير المؤمنين (عليهالسلام) في جوابه «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ» (١).
وذكر بعض الأصحاب انه يجوز التنبيه بتلاوة القرآن كما لو أراد الإذن لقوم بقوله «ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ» (٢) أو لمن أراد التخطي على البساط بنعله «فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً» (٣) أو أراد إعطاء كتاب من اسمه يحيى «يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ» (٤).
أقول : والظاهر ان من هذا القبيل ما رواه في الكافي والتهذيب في الموثق عن عبيد بن زرارة (٥) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن ذكر السورة من الكتاب ندعو بها في الصلاة مثل «قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ» فقال إذا كنت تدعو بها فلا بأس». فإن الظاهر ان المراد من الدعاء بها إنما هو بمعنى الطلب بمعنى يطلب بها الغير كما انه يطلب بالتسبيح كما تقدم. وبعض الأصحاب حمل الدعاء بها في الخبر على القنوت بالقرآن في الصلاة وجعله من قبيل التسبيح الذي ورد الاجتزاء به في القنوت. وبعض حمله على الدعاء وانه لا يشترط فيه الطلب بمعنى انه لا يشترط فيه أن يكون متضمنا للطلب. وقال في الوافي : لعل مراد السائل الرخصة في الإتيان بقراءة القرآن في غير محلها على وجه الدعاء والتمجيد طلبا لمعناها لا على وجه التلاوة. انتهى. والكل تكلف محض بل الظاهر ما ذكرناه فإنه معنى صحيح لا يحتاج الى تكلف.
وبما ذكرناه من الأخبار يعلم انه لو لم يقصد بالتسبيح أو القرآن سوى التفهيم فالظاهر صحة صلاته ، ونقل عن العلامة في النهاية احتمال البطلان.
ولو اتى بمفردات القرآن على غير الترتيب الذي هي عليه كان يقول «بسلام ادخلوها» فالظاهر ـ كما استظهره بعض الأصحاب ـ البطلان لانه ليس بقرآن فيكون كلاما أجنبيا.
__________________
(١) سورة الروم ، الآية ٥٩.
(٢) سورة الحجر ، الآية ٤٦.
(٣) سورة طه ، الآية ١٢.
(٤) سورة مريم الآية ١٣.
(٥) الوسائل الباب ٩ من القراءة.