واما ما ذكره من الإشكال في الاستدلال بالنصوص على سقوط سجدتي السهو فقد تقدم الجواب عنه ايضا ، وان العبارة المذكورة في النصوص إنما خرجت مخرج الكناية عن عدم الالتفات بالكلية الى ما يترتب على ذلك السهو والشك. والله العالم.
(الخامس) ـ اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في ما تتحقق به الكثرة الموجبة لسقوط الأحكام في هذا المقام ، فظاهر المشهور بين المتأخرين ومتأخريهم هو إرجاع ذلك الى العرف ، ذهب اليه الفاضلان والشهيدان ومن بعدهم ، وقال الشيخ في المبسوط : واما ما لا حكم له ففي اثنى عشر موضعا : من كثر سهوه وتواتر وقيل ان حد ذلك ان يسهو ثلاث مرات متوالية.
قال في المختلف بعد نقل ذلك عنه : وهذا يدل على عدم الرضا بهذا القول. وقال ابن إدريس السهو الذي لا حكم له هو الذي يكثر ويتواتر ، وحده ان يسهو في شيء واحد أو فريضة واحدة ثلاث مرات فيسقط بعد ذلك حكمه أو يسهو في أكثر الخمس فرائض أعني ثلاث صلوات من الخمس كل منهن قام إليها فسها فيها فيسقط بعد ذلك حكم السهو ولا يلتفت الى سهوه في الفريضة الرابعة. وقال ابن حمزة لا حكم له إذا سها ثلاث مرات متواليات وأطلق في فريضة أو فرائض.
وأنكر المحقق ما ذكره ابن إدريس تمام الإنكار وقال بعد نقل ذلك عنه انه يجب ان يطالب هذا القائل بمأخذ دعواه فانا لا نعلم لذلك أصلا في لغة ولا شرع والدعوى من غير دلالة تحكم. انتهى.
أقول : يمكن أن يكون الوجه في ما ذكره ابن إدريس هو ان النصوص تضمنت سقوط حكم السهو مع الكثرة ولم تحد هذه الكثرة في الأخبار بحد معين والكثرة لغة وعرفا تحصل بثلاث مرات ، إلا انه يبقى الكلام في محلها وهو أعم من الشيء الواحد أو الفريضة الواحدة أو الفرائض الخمس حسبما ذكره ، فلو سها أو شك في شيء واحد ثلاث مرات مضى في الرابعة ولم يلتفت ، أو كان كذلك في فريضة واحدة شخصية فإنه يمضى في الرابع ولا يلتفت ، أو كان كذلك في