ولا يخفى ما في مضمون هذا الخبر من المخالفة لما عليه الأصحاب (أما أولا) فإن ظاهر الرواية ان الشك في الجلوس وعدمه حكمه حكم الجلوس المحقق في صحة الصلاة على القول به ، ولا قائل به في ما أعلم إلا انه ربما كان في إيراد الصدوق هذه الرواية إشعار بالقول بذلك بناء على قاعدته التي مهدها في صدر كتابه ، وفيه تأمل كما لا يخفى على من راجع كتابه وعلم خروجه عن هذه القاعدة في مواضع عديدة.
و (اما ثانيا) ـ فإنه إذا جعل اربع ركعات من هذه الخمس للظهر فهذا التشهد المذكور في الخبر اما ان يكون للفريضة أو النافلة ، فإن كان للفريضة فهو لا يكون إلا على جهة القضاء لوقوعه بعد الركعة الزائدة ، مع ان التشهد الأول مشكوك فيه والتشهد المشكوك فيه لا يقضى بعد تجاوز محله لأنه في الخبر انه لا يدرى جلس بعد الرابعة أم لا فهو اما شك في التشهد أو في ما قام مقامه وهو الجلوس قدر التشهد ، وان كان للنافلة فالأنسب ذكره بعد الركعتين من جلوس ، واحتمال كونه تشهدا لهذه الركعة الزائدة التي جعلها نفلا على قياس صلاة الاحتياط إذا كانت ركعة من قيام لا يخلو من الإشكال.
ثم انه قد أورد على الحجة الأولى بأن تحقق الفصل بالجلوس لا يقتضي عدم وقوع الزيادة في أثناء الصلاة. وعلى الروايات بان الظاهر ان المراد فيها من الجلوس بقدر التشهد التشهد بالفعل لشيوع هذا الإطلاق وندور تحقق جلوس بقدر التشهد من دون الإتيان به. كذا ذكره في المدارك قال : وبذلك صرح الشيخ في الاستبصار فقال ـ بعد ذكر خبري زرارة ومحمد بن مسلم الأول ـ ان هذين الخبرين لا ينافيان الخبرين الأولين يعني روايتي أبي بصير وابني أعين ، لأن من جلس في الرابعة وتشهد ثم قام وصلى ركعة لم يخل بركن من أركان الصلاة وإنما أخل بالتسليم والإخلال بالتسليم لا يوجب إعادة الصلاة حسبما قدمناه. وقريب منه في التهذيب ايضا. واستحسن هذا الحمل في الذكرى ، قال : ويكون في هذه الأخبار دلالة على ندب التسليم.
أقول : ومما يدل على ما ذكروه من ارادة التجوز في الأخبار المذكورة بحمل