ورده بأنه إحداث قول ثالث مخالف لما أجمع عليه الفريقان.
وقال الشهيد في الذكرى بعد نقل كلام المحقق : قلت في بعض كلامه (قدسسره) مناقشة وذلك لأنه قائل في كتبه بتحريمه وإبطاله الصلاة ، والإجماع وان لم نعلمه فهو إذا نقل بخبر الواحد حجة عند جماعة من الأصوليين. واما الروايتان فالنهي فيهما صريح وهو للتحريم على ما اختاره معظم الأصوليين ، وخلاف العين لا يقدح في الإجماع ، والتشبه بالمجوس فيما لم يدل دليل على شرعيته حرام واين الدليل الدال على شرعية هذا الفعل؟ والأمر بالصلاة مقيد بعدم التكفير الثابت في الخبرين المعتبري الاسناد الذين عمل بهما الأصحاب (رضوان الله عليهم) فحينئذ الحق ما صار إليه الأكثر وان لم يكن إجماعا. انتهى. وجرى على نحوه الشهيد الثاني في الروض أيضا.
أقول : ما ذكره الشهيدان (قدس الله سرهما) بالنسبة إلى الإجماع هو الأنسب بالقواعد الأصولية وما ذكره المحقق (قدسسره) هو الأوفق بالتحقيق.
بقي الكلام في الروايات التي قدمناها مما ذكروه وما لم يذكروه ولا ريب ان مقتضى صيغة النهي فيها هو التحريم الى ان يقوم ما يوجب صرفه عن حقيقته ، إلا ان عده في رواية حريز وصحيحة زرارة (١) في سياق جملة من المكروهات مما يثمر ظنا بكونه كذلك لقوله في الاولى «لا تكفر انما يصنع ذلك المجوس ولا تلثم ولا تحتفز ولا تقع على قدميك ولا تفترش ذراعيك». وقوله في الثانية «إذا قمت في الصلاة فعليك بالإقبال على صلاتك فإنما يحسب لك منها ما أقبلت عليه ولا تعبث فيها بيدك ولا برأسك ولا بلحيتك ولا تحدث نفسك ولا تتثأب ولا تتمط ولا تكفر فإنما يفعل ذلك المجوس ، ولا تلثم ولا تحتفز ولا تفرج كما يتفرج البعير ولا تقع على قدميك ولا تفترش ذراعيك ولا تفرقع أصابعك فإن ذلك نقصان في الصلاة (٢) الحديث». والظاهر ان قوله «نقصان في الصلاة» راجع الى كل من هذه
__________________
(١) ص ١٠ و ١١.
(٢) لفظ الحديث في فروع الكافي ج ١ ص ٨٢ والوافي باب (الإقبال على الصلاة) والوسائل هكذا «فان ذلك كله نقصان من الصلاة».