والجهاد وأبواب البر فهو من طينة المؤمن وسنخه الذي قد مزج فيه ، لان من سنخ المؤمن وعنصره وطينته اكتساب الحسنات واستعمال الخير واجتناب المآثم وفي آخره قال عليهالسلام : اقرأ يا إبراهيم : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) يعنى من الأرض المنتنة (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) يقول : لا يفتخر أحدكم بكثرة صلوته وصيامه وزكوته ونسكه لان الله عزوجل ، أعلم بمن اتقى منكم ، فان ذلك من قبل اللمم وهو المزج وفي هذا الحديث إيضاح وفوائد وهو مذكور في سورة الفرقان عند قوله تعالى : (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) (١).
٧٨ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى جميل بن دراج قال : سألت أبا عبد الله عن قول الله عزوجل : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) قال : قول الناس صليت البارحة وصمت أمس ونحو هذا ، ثم قال عليهالسلام : ان قوما كانوا يصبحون فيقولون : صلينا البارحة وصمنا أمس ، فقال على عليهالسلام : لكني أنام الليل والنهار ولو أجد بينهما شيئا لنمته.
٧٩ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وعن معمر بن راشد قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : أتى يهودي الى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقام بين يديه يحد النظر اليه (٢) فقال: يا يهودي ما حاجتك؟ فقال : أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلمه الله عزوجل ، وأنزل عليه التوراة ، والعصاء ، وفلق له البحر وأظله بالغمام؟ فقال له النبيصلىاللهعليهوآله : انه يكره للعبد أن يزكى نفسه ولكني أقول : ان آدم عليهالسلام لما أصاب الخطيئة كانت توبته ان قال : اللهم انى أسئلك بحق محمد وآل محمد لما غفرت لي فغفر الله له ، وان نوحا عليهالسلام لما ركب السفينة وخاف الغرق قال : اللهم انى أسئلك بحق محمد وآل محمد لما أنجيتنى من الغرق فنجاه الله عزوجل وان إبراهيم عليهالسلام لما القى في النار قال : اللهم انى أسئلك بحق محمد و
__________________
(١) راجع ج ٤ صفحة ٣٥ ـ ٤٠.
(٢) حد اليه النظر : بالغ في النظر اليه.