قال : جهد المقل (١) اما سمعت قول الله عزوجل (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) ترى هاهنا فضلا.
٦١ ـ على بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال : دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله عليهالسلام فرأى عليه ثياب بيض كأنها غرقئ البيض (٢) فقال له : ان هذا اللباس ليس من لباسك فقال : اسمع منى وع ما أقول لك ، فانه خير لك عاجلا وآجلا ، ان أنت ميت على السنة والحق ولم تمت على بدعة (٣) ، أخبرك ان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان في زمان مقفر جدب (٤) فاما إذا أقبلت الدنيا فأحق أهلها أبرارها لا فجارها ، ومؤمنوها لا منافقوها ، ومسلموها لا كفارها ، فما أنكرت يا ثوري فو الله اننى لمع ما ترى ما أتى على مذ عقلت صباح ولا مساء ولله في مالي حق أمرنى ان أضعه موضعا الا وضعته.
قال : وأتاه قوم ممن يظهر الزهد ويدعو الناس ان يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف (٥) فقالوا له ان صاحبنا حصر عن كلامك (٦) ولم تحضره حججه فقال لهم : فهاتوا حججكم؟ فقالوا له : ان حججنا من كتاب الله فقال لهم : فأدلوا بها (٧) فانها أحق ما اتبع وعمل به ، فقالوا : يقول الله تبارك وتعالى مخبر عن قوم من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) فمدح فعلهم وقال في موضع آخر (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ
__________________
(١) الجهد ـ بضم الجيم ـ : الطاقة. والمقل : القليل المال ، اى قدر ما يحتمله حال القليل المال.
(٢) الغرقئ : بياض البيض الذي يؤكل.
(٣) اى انتفاعك بما أقول آجلا انما يكون إذا تركت البدع قال له المجلسي (ره)
(٤) القفر : خلو الأرض من الماء. والجدب : انقطاع المطر ويبس الأرض.
(٥) التقشف : قذارة الجلد ورثاثة الهيئة وترك النظافة وسوء الحال.
(٦) الحصر : العي في المنطق والعجز عن الكلام.
(٧) اى أحضروها.