يا صاحب رسول الله اما علمت ان جدي رسول الله صلىاللهعليهوآله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فلم يدع الاجتهاد وتعبد هو بأبى وأمي حتى انتفخ الساق وورم القدم؟ وقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال : أفلا أكون عبدا شكورا؟.
١٧ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمهالله أقول : وأما لفظ (ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) فالذي نقلناه من طريق أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم ان المراد منه (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) عند أهل مكة وقريش ، يعنى ما تقدم قبل الهجرة وبعدها ؛ فانك إذا فتحت مكة بغير قتل لهم ولا استيصال ولا أخذهم بما قدموه من العداوة والقتال ، غفروا ما كان يعتقدونه ذنبا لك عندهم متقدما أو متأخرا ، وما كان يظهر من عداوته في مقابلة عداوتهم له ، فلما رأوه قد تحكم وتمكن وما استقصى غفروا ما ظنوه من الذنوب.
١٨ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس آخر للرضا عليهالسلام عند المأمون في عصمة الأنبياء عليهمالسلام باسناده الى على بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليهالسلام فقال المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ، قال : فما معنى قول الله عزوجل الى أن قال : فأخبرنى عن قول الله تعالى : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) قال الرضا عليهالسلام : لم يكن أحد عند مشركي مكة أعظم ذنبا من رسول الله صلىاللهعليهوآله لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمأة وستين صنما فلما جاءهم بالدعوة الى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم وعظم «وقالوا (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) فلما فتح الله تعالى على نبيه صلىاللهعليهوآله مكة ، قال له : يا محمد (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) عند مشركي أهل مكة بدعاءك توحيد الله فيما تقدم وما تأخر ، لان مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة ، ومن بقي منهم لم يقدر على انكار التوحيد إذا