جل ذكره ـ : (وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) [آل عمران : ٢٦].
الثاني : أن المراد من الآية : الرد على من أثبت شريكا لله ـ عزوجل ـ ، وعلى هذا القول ففيه وجهان :
الأول : أن يكون هذا ردّا على عبدة الأصنام ؛ كأنه قيل : إنّه ـ تعالى ـ فضّل الملوك على مماليكهم ، فجعل المملوك لا يقدر على ملك مع مولاه ، فإذا لم يكن عبيدكم معكم سواء في الملك ، فكيف تجعلون هذه الجمادات معي سواء في العبودية.
والثاني : قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنه ـ : «نزلت هذه الآية في نصارى نجران ، حين قالوا : إنّ عيسى ابن مريم ابن الله» ، والمعنى : أنكم لا تشركوني عبيدكم فيما ملكتم فتكونوا سواء ، فكيف جعلتم عبدي ولدا وشريكا لي في هذه الألوهية؟.
قوله : (فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ) في هذه الجملة أوجه :
أحدها : أنّها على حذف أداة الاستفهام ، تقديره : أفهم فيه سواء ، ومعناه النفي ، أي : ليسوا مستوين فيه.
الثاني : أنها إخبار بالتّساوي ، بمعنى أنّ ما يطعمونه ويلبسونه لمماليكهم ، إنّما هو رزقي أجريته على أيديهم فهم فيه سواء.
الثالث : قال أبو البقاء (١) : إنّها واقعة موقع الفعل ، ثم جوز في ذلك الفعل وجهين :
أحدهما : أنه منصوب في جواب النّفي ، تقديره : فما الّذين فضّلوا برادّي رزقهم على ما ملكت أيمانهم ، فيستووا.
الثاني : أنه معطوف على موضع «برادّي» فيكون مرفوعا ، تقديره : فما الذين فضّلوا يردّون ، فما يستوون.
قوله : (أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ) [فيه وجهان :
أحدهما : لا شبهة في أن المراد من قوله (أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ) الإنكار على المشركين الذين أورد الله تعالى هذه الحجة عليهم.
الثاني](٢) : الباء في قوله : (أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ) يجوز أن تكون زائدة ؛ لأنّ الجحود لا يتعدّى بالباء ؛ كما تقول : خذ الخطام وبالخطام ، وتعلّقت زيدا وبزيد ، ويجوز أن يراد بالجحود الكفر ، فعدي بالباء لكونه بمعنى الكفر.
وقرأ عاصم (٣) في رواية أبي بكر : «تجحدون» بالخطاب ؛ لقوله : «بعضكم»
__________________
(١) ينظر : الإملاء ٢ / ٨٤.
(٢) سقط من : أ.
(٣) ينظر : السبعة ٣٧٤ ، والنشر ٢ / ٣٠٤ ، والإتحاف ٢ / ١٨٦ ، والحجة ٣٩٢ ، والبحر ٥ / ٤٩٩ ، والدر المصون ٤ / ٣٤٧.