والمجرور ، وهو قوله عزوجل : (وَمِنْ أَصْوافِها) وهو ليس بفصل مستقبح كما زعم في الإيضاح ؛ لأنّ الجارّ والمجرور مفعول ، وتقديم مفعول على مفعول قياس».
وفيه نظر ؛ لأنه عطف مجرورا على مثله ، ومنصوبا على مثله.
والثاني : أنه منصوب على الحال ، ويكون قد عطف مجرورا على مثله تقديره : وجعل لكم من جلود الأنعام ، ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها بيوتا حال كونها أثاثا ، ففصل بالمفعول بين المتعاطفين ، وليس المعنى على هذا ، إنما هو على الأول.
والأثاث : متاع البيت إذا كان كثيرا ، وأصله : من أثّ الشعر والنّبات ؛ إذا كثفا وتكاثرا ؛ قال امرؤ القيس : [الطويل]
٣٣٥٤ ـ وفرع يغشّي المتن أسود فاحم |
|
أثيث كقنو النّخلة المتعثكل (١) |
ونساء أثائث ، أي : كثيرات اللحم كأنّ عليهن أثاثا ، وفلان كثر أثاثه. وقال الزمخشري : الأثاث ما جدّ من فرش البيت ، والخرثيّ : ما قدم منها ؛ وأنشد : [البسيط]
٣٣٥٥ ـ تقادم العهد من أمّ الوليد بنا |
|
دهرا وصار أثاث البيت خرثيّا (٢) |
وهل له واحد من لفظه؟ فقال الفراء : لا ، وقال أبو زيد : واحده أثاثة وجمعه في القلّة : أثثة ؛ ك «بتات» و«أبتّة» ، وقال أبو حيّان : وفي الكثير على أثث ، وفيه نظر ؛ لأن «فعالا» المضعّف يلزم جمعه على أفعلة في القلّة والكثرة ، ولا يجمع على «فعل» إلا في لفظتين شذّتا ، وهما : عين وحجج جمع عيّان وحجّاج ، وقد نص النحاة على منع القياس عليهما ، فلا يجوز : زمام وزمم بل أزمّة وقال الخليل : الأثاث والمتاع واحد ، وجمع بينهما لاختلاف لفظهما ؛ كقوله : [الوافر]
٣٣٥٦ ـ .......... |
|
وألفى قولها كذبا ومينا (٣) |
وقوله : [الطويل]
٣٣٥٧ ـ .......... |
|
وهند أتى من دونها النّأي والبعد (٤) |
وقيل : متاعا : بلاغا ينتفعون به ، (إِلى حِينٍ) يعني : الموت ، وقيل : إلى حين البلى.
قوله ـ تعالى ـ : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً) الآية فالإنسان إما أن يكون مقيما أو مسافرا ، والمسافر إمّا أن يكون غنيّا يستصحب معه الخيام أو لا.
فالقسم الأول أشار إليه بقوله : (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً) ، وأشار إلى القسم
__________________
(١) تقدم.
(٢) البيت للحسن بن علي الطوسي.
ينظر : الكشاف ٢ / ٥٢١ ، شواهد الكشاف ٥٦٤ ، أمالي ابن الشجري ١ / ٩٩ ، الدر المصون ٤ / ٣٥٢.
(٣) تقدم.
(٤) تقدم.