المقالة ؛ كقولك : تشتم فلانا وهو قد أحسن إليك ، أي : وعلمك بإحسانه إليك كان يمنعك من شتمه ، قاله أبو حيّان (١) رحمهالله.
ثم قال : «وإنّما ذهب الزمخشري (٢) إلى الاستئناف لا إلى الحال ؛ لأن من مذهبه أنّ مجيء الحال جملة اسميّة من غير واو شاذّ ، وهو مذهب مرجوح تبع فيه الفراء».
و«أعجميّ» خبر على كلتا القراءتين ، والإلحاد في اللغة : الميل ، يقال : لحد وألحد ؛ إذا مال عن القصد ، ومنه يقال للعادل عن الحقّ : ملحد.
وقرأ (٣) حمزة والكسائي : «يلحدون» بفتح الياء والحاء ، والباقون بضم الياء وكسر الحاء.
قال الواحدي ـ رحمهالله ـ : والأولى ضم الياء ؛ لأنه لغة القرآن ، ويدلّ عليه قوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ) [الحج : ٢٥] وتقدّم خلاف القراء في المفتوح في الأعراف.
والإلحاد قد يكون بمعنى الإمالة ؛ ومنه يقال : ألحدت له لحدا ؛ إذا حفرت له في جانب القبر مائلا عن الاستواء ، وقبر ملحد وملحود ، ومنه الملحد ؛ لأنه أمال مذهبه عن الأديان كلّها ، لم يمله عن دين إلى دين ، وفسّر الإلحاد في هذه الآية بالقولين.
قال الفراء : يميلون من الميل. وقال الزجاج : يميلون من الإمالة ، أي : لسان الذي يميلون القول إليه أعجمي.
والأعجمي : قال أبو الفتح الموصلي : «تركيب» «ع ج م» وضع في كلام العرب للإبهام والإخفاء ، وضدّه البيان والإيضاح ؛ ومنه قولهم : رجل أعجم وامرأة عجماء ؛ إذا كانا لا يفصحان ، والأعجمي : من لم يتكلم بالعربيّة. وقال الراغب : العجم خلاف العرب ، والعجم منسوب إليهم ، والأعجم : من في لسانه عجمه عربيّا كان أو غير عربي ؛ اعتبارا بقلّة فهمه من العجمة.
والأعجمي منسوب إليه ، ومنه قيل للبهيمة : عجماء ؛ لأنها لا تفصح عما في نفسها ، وصلوات النّهار عجماء ، أي : لا يجهر فيها ، والعجم : النّوى لاختفائه.
قال بعضهم : معناه أن الحروف المجرّدة لا تدلّ على ما تدلّ عليه الموصولة وأعجمت الكتاب ضد أعربته ، وأعجمته : أزلت عجمته ؛ كأشكيته : أزلت شكايته.
قال الفراء وأحمد بن يحيى : الأعجم : هو الذي في لسانه عجمة ، وإن كان من العرب ، والأعجمي والعجمي : الذي أصله من العجم قال أبو علي الفارسي : الذي لا
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٥١٩.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ٦٣٥.
(٣) ينظر : الإتحاف ٢ / ١٨٩ ، الحجة ٣٩٤ ، والحجة للقراء السبعة للفارسي ٥ / ٧٨ ، والبحر ٥ / ٥١٩.