المشددة المكسورة ، والباقون دون ألف وبفتح النون ، فأمّا القراءة الأولى ، ففيها أوجه :
أحدها : أن الألف ضمير الوالدين ؛ لتقدّم ذكرهما ، و«أحدهما» بدل منه ، و«أو كلاهما» عطف عليه ، وإليه نحا الزمخشريّ وغيره ، واستشكله بعضهم بأنّ قوله «أحدهما» بدل بعض من كلّ ، لا كل من كلّ ؛ لأنه غير واف بمعنى الأول ، وقوله بعد ذلك «أو كلاهما» عطف على البدل ، فيكون بدلا ، وهو من بدل الكلّ من الكلّ ؛ لأنه مرادف لألف التثنية ، لكنه لا يجوز أن يكون بدلا ؛ لعروّه عن الفائدة ؛ إذ المستفاد من ألف التثنية هو المستفاد من «كلاهما» فلم يفد البدل زيادة على المبدل منه.
قال شهاب الدين : هذا معنى قول أبي حيّان ، وفيه نظر ؛ إذ لقائل أن يقول : مسلّم أنّه لم يفد البدل زيادة على المبدل منه ، لكنه لايضرّ ؛ لأنه شأن التأكيد ، ولو أفاد زيادة أخرى غير مفهومة من الأول كان تأسيسا لا تأكيدا ، وعلى تقدير تسليم ذلك ، فقد يجاب عنه بما قال ابن عطيّة ؛ فإنه قال بعد ذكره هذا الوجه : وهو بدل مقسّم ؛ كقول الشاعر : [الطويل]
٣٣٩٨ ـ وكنت كذي رجلين رجل صحيحة |
|
ورجل رمى فيها الزّمان فشلّت (١) |
إلا أنّ أبا حيّان تعقّب كلامه ، فقال : «أمّا قوله : بدل مقسم ؛ كقوله :
٣٣٩٩ ـ «وكنت ............» (٢)
فليس كذلك ؛ لأنّ شرطه العطف بالواو ، وأيضر فشرطه : ألّا يصدق المبدل منه على أحد قسميه ، لكن هنا يصدق على أحد قسميه ؛ ألا ترى أنّ الألف ، وهي المبدل منه يصدق على أحد قسميها ، وهو «كلاهما» فليس من البدل (٣) المقسّم». ومتى سلّم له الشرطان ، لزم ما قاله.
الثاني : أن الألف ليست ضميرا ، بل علامة تثنية ، و«أحدهما» فاعل بالفعل قبله ، و«أو كلاهما» عطف عليه ، وقد ردّ هذا الوجه : بأنّ شرط الفعل الملحق به علامة تثنية : أن يكون مسندا لمثنى ؛ نحو : قاما أخواك ، أو إلى مفرّق بالعطف بالواو خاصة على خلاف فيه ؛ نحو : «قاما زيد وعمرو» ، لكنّ الصحيح جوازه ؛ لوروده سماعا كقوله : [الطويل]
٣٤٠٠ ـ ........... |
|
وقد أسلماه مبعد وحميم (٤) |
__________________
(١) البيت لكثير عزة. ينظر : ديوانه ٩٩ ، وأمالي المرتضى ١ / ٤٦ ، وخزانة الأدب ٥ / ٢١١ ، ٢١٨ ، والكتاب ١ / ٥٤٢ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٣٣ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٠٤ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٣٨ ، وشرح المفصل ٣ / ٧٨ ، ومغني اللبيب ص ٤٧٢ ، والمقتضب ٤ / ٢٩٠ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٤ ، والدر المصون ٤ / ٣٨٢.
(٢) ينظر : التخريج السابق.
(٣) في أ: يقع.
(٤) تقدم.