وعن الحسن : (أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ) الجنة ، (وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) أي : إخراجا لا يبقى عليّ منها تبعة من مكّة (١).
وقيل : أدخلني في طاعتك ، وأخرجني من المناهي.
وقيل : أدخلني القبر مدخل صدق ، وأخرجني منه مخرج صدق ، وقيل : أدخلني حيث ما أدخلتني بالصّدق ، وأخرجني بالصّدق ، أي : لا تجعلني ممّن يدخل بوجه ، ويخرج بوجه ، فإنّ ذا الوجهين لم يكن عند الله وجيها.
ووصف الإدخال والإخراج بالصّدق ؛ لما يئول إليه الدّخول والخروج من النصر ، والعزّ ، ودولة الدّين ، كما وصف القدم بالصّدق ؛ فقال : (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) [يونس : ٢].
(وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً).
قال مجاهد (٢) : حجة بينة ظاهرة تنصرني بها على جميع من خالفني ، وقال الحسن (٣) : ملكا قويّا تنصرني به على من عاداني ، وعزّا ظاهرا أقيم به دينك ، وقد أجاب الله ـ تعالى ـ دعاءه ، وأعلمه أنه يعصمه من النّاس ؛ فقال : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة : ٦٧].
وقال : (أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة : ٢٢].
وقال : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) [التوبة : ٣٣].
ولما سأل الله تعالى النّصرة ، بيّن أنّه أجاب دعاءه ؛ فقال : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُ). وهو دينه وشرعه.
قوله : (وَزَهَقَ الْباطِلُ). وهو كل ما سواه من الأديان ، والشّرائع ، قاله السديّ (٤).
وقيل : جاء الحقّ ، أي : القرآن (٥). وزهق الباطل ، أي : ذهب الشيطان ، قاله قتادة(٦).
وقيل : الحقّ : عبادة الله تعالى ، والباطل عبادة الأصنام (٧).
وعن ابن مسعود : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم دخل مكّة يوم الفتح ، وحول البيت ثلاثمائة وستّون صنما ، فجعل يضربها بعود في يده ، وجعل يقول : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ)(٨).
__________________
(١) ينظر : المصدر السابق.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ١٣٧) وذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ١٣٢).
(٣) ينظر : المصدر السابق.
(٤) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ١٣٢).
(٥) ينظر : المصدر السابق.
(٦) ينظر : المصدر السابق.
(٧) ينظر : المصدر السابق.
(٨) أخرجه البخاري ٧ / ٦٠٩ كتاب المغازي : باب أين ركز النبي صلىاللهعليهوسلم (٤٢٨٧) ومسلم ٣ / ١٤٠٨ كتاب الجهاد : باب إزالة الأصنام (٨٧ ـ ١٧٨١) والترمذي ٥ / ٢٣٨ كتاب تفسير القرآن : باب من سورة بني إسرائيل (٣١٣٨).