[أي : ذهب الشيطان] فكان الصّنم ينكبّ على وجهه.
قوله : (إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً). أي : إنّ الباطل ، وإن كان له دولة ، لا يبقى ، بل يزول بسرعة.
والزّهوق : الذّهاب ، والاضمحلال ؛ قال : [الكامل]
٣٤٥٧ ـ ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها |
|
إقدامه بمزالة لم يزهق (١) |
يقال : زهقت نفسي تزهق زهوقا بالضمّ ، وأمّا الزّهوق ، بالفتح ، فمثال مبالغة ؛ كقوله : [الطويل]
٣٤٥٨ ـ ضروب بنصل السّيف سوق سمانها |
|
........... (٢) |
قوله تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ) : في «من» هذه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها لبيان الجنس ، قاله الزمخشري ، وابن عطيّة ، وأبو البقاء ، وردّ عليهم أبو حيان : بأنّ التي للبيان ، لا بد وأن يتقدّمها ما تبينه ، لا أن تتقدم هي عليه ، وهنا قد وجد تقدّمها عليه.
الثاني : أنها للتبعيض ، وأنكره الحوفي ؛ قال : «لأنّه يلزم ألّا يكون بعضه شفاء» وأجيب عنه : بأنّ إنزاله إنّما هو مبعض ، وهذا الجواب ليس بظاهر ، وأجاب أبو البقاء بأنّ منه ما يشفي من المرض. وهذا يؤيده الدّليل المتقدّم ، وأجاز الكسائيّ : «ورحمة» بالنصب عطفا على ما تظاهر وهذا قد وجد بدليل رقية بعض الصحابة سيّد الحيّ الذي لدغ ، بالفاتحة ؛ فشفي.
الثالث : أنها لابتداء الغاية ، وهو واضح.
والجمهور على رفع «شفاء ورحمة» خبرين ل «هو» ، والجملة صلة ل «ما» وزيد بن عليّ (٣) بنصبهما ، وخرّجت قراءته على نصبهما على الحال ، والخبر حينئذ «للمؤمنين» وقدّمت الحال على عاملها المعنوي ، كقوله تعالى : (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ) [الزمر : ٦٧] في قراءة من نصب «مطويّات» ، وقول النابغة :
٣٤٥٩ ـ رهط ابن كور محقبي أدراعهم |
|
فيهم ورهط ربيعة بن حذار (٤) |
وقيل : منصوبان بإضمار فعل ، وهذا عند من يمنع تقديمها على عاملها المعنوي ، وقال أبو البقاء (٥) : وأجاز الكسائي : «ورحمة» بالنصب عطفا على «ما» فظاهر هذا أن
__________________
(١) ينظر البيت في البحر ٦ / ٦٧ ، الدر المصون ٤ / ٤١٥.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٦ / ٧٢ ، والدر المصون ٤ / ٤١٦.
(٤) تقدم.
(٥) ينظر : الإملاء ٢ / ٩٥.