«طريق ذو شواكل» ، وهي الطرق التي تشعّبت منه ؛ والدليل عليه قوله تعالى : (فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) ، وقيل : على دينه ، وقيل : خلقه (١) ، وقال ابن عباس : «جانبه» (٢) وقال الحسن ، وقتادة (٣) : على نيّته. وقال الفراء (٤) : «على طريقته ، والمذهب الذي جبل عليه».
[وهو] من «الشّكل» وهو المثل ؛ يقال : لست على شكلي ، ولا شاكلتي ، وأمّا «الشّكل» بالكسر فهو الهيئة ؛ يقال : جارية حسنة الشّكل ، وقال امرؤ [القيس] في «الشّكل» بالفتح : [الكامل]
٣٤٦١ ـ حيّ الحمول بجانب العزل |
|
إذ لا يلائم شكلها شكلي (٥) |
أي : لا يلائم مثلها مثلي.
قال ابن الخطيب (٦) : والذي يقوى عندي : أنّ المراد من المشاكلة ما قاله الزجاج ، والزمخشريّ ؛ لقوله بعد ذلك : (فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) [الإسراء : ٨٤].
وفيه وجه آخر : وهو أنّ المراد : أنّ كلّ أحد يفعل على وفق ما يشاكله جوهر نفسه ، ومقتضى روحه ، فإن كانت مشرقة ، ظاهرة ، علوية ، صدرت منه أفعال فاضلة ، وإن كانت نفسه كدرة خبيثة [مضلّة ظلمانيّة ، صدرت عنه أفعال خسيسة](٧) فاسدة.
وأقول : اختلف العقلاء في أنّ النفوس الناطقة البشريّة ، هل هي مختلفة بالماهيّة ، أم لا؟.
منهم من قال : إنّها مختلفة بالماهيّة ، وإنّ اختلاف أحوالها وأفعالها ؛ لاختلاف جواهرها وماهيّاتها.
ومنهم من قال : إنّها متساوية في الماهية ، واختلاف أحوالها وأفعالها لاختلاف أمزجتها.
والمختار عندي : هو القسم الأوّل ، والقرآن يشعر به ؛ لأنه تعالى بيّن في الآية المتقدمة : أنّ القرآن بالنّسبة إلى البعض يفيد الشّفاء ، والرحمة ، وبالنّسبة إلى الآخرين يفيد
__________________
(١) في ب : على خلته.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ١٤٠) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٦١) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ١٤١) عن قتادة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٦١) عن الحسن وعزاه إلى هناد وابن المنذر.
(٤) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ١٣٠.
(٥) ينظر : ديوانه ٢٣٦ ، الدر المصون ٤ / ٤١٧.
(٦) ينظر : الفخر الرازي ٢١ / ٣٠.
(٧) سقط من : أ.