لبقوا على بخلهم وشحهم ، ولا أقدموا على إيصال النفع إلى أحد ، وعلى هذا التقدير : فلا فائدة في إسعافهم لما طلبوه.
قوله : (لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ) : فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : ـ وإليه ذهب الزمخشري ، والحوفي ، وابن عطيّة ، وأبو البقاء (١) ، ومكيّ (٢) ـ : أن المسألة من باب الاشتغال ، ف «أنتم» مرفوع بفعل مقدر يفسّره هذا الظاهر ، لأنّ «لو» لا يليها إلا الفعل ، ظاهرا أو مضمرا ، فهي ك «إن» في قوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [التوبة : ٦] ، وفي قوله :
٣٤٧٠ ـ وإن هو لم يحمل على النّفس ضيمها |
|
فليس إلى حسن الثّناء سبيل (٣) |
والأصل : لو تملكون ، فحذف الفعل ؛ لدلالة ما بعده عليه ، فانفصل الضمير ، وهو الواو ؛ إذ لا يمكن بقاؤه متّصلا بعد حذف رافعه ، ومثله : «وإن هو لم يحمل» : الأصل : وإن لم يحمل ، فلما حذف الفعل ، انفصل ذلك الضمير المستتر ، وبرز ، ومثله فيما نحن فيه قول الشاعر :
٣٤٧١ ـ «لو ذات سوار لطمتني» (٤)
برفع «ذات» وقول المتلمّس :
٣٤٧٢ ـ ولو غير أخوالي أرادوا نقيصتي |
|
........... (٥) |
ف «ذات سوار» مرفوعة بفعل مفسّر بالظاهر بعده.
الثاني : أنه مرفوع ب «كان» وقد كثر حذفها بعد «لو» والتقدير : لو كنتم تملكون ، فحذف «كان» ، فانفصل الضمير ، و«تملكون» في محلّ نصب ب «كان» المحذوفة ، وهو قول ابن الصائغ ؛ وقريب منه قوله : [البسيط]
٣٤٧٣ ـ أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر |
|
........... (٦) |
__________________
(١) ينظر : الإملاء ٢ / ٩٧.
(٢) ينظر : المشكل ٢ / ٣٤.
(٣) تقدم.
(٤) مثل عربي ينسب لحاتم وليس بشعر.
ينظر : الجنى الداني ص ٢٧٩ ، جمهرة الأمثال ١٧٤ ، ومجمع الأمثال ٢ / ١٢٢.
(٥) البيت للمتلمس في ديوانه ص ٢٩ ، الأصمعيات ص ٢٤٥ ، خزانة الأدب ١٠ / ٥٩ ، اللامات ص ١٢٨ ، تذكرة النحاة ص ٤٩٠ ، لسان العرب «نقص» ، «وسم» ، والمقتضب ٣ / ٧٧ ، الدر المصون ٤ / ٤٢٢.
(٦) البيت لعباس بن مرداس في ديوانه ص ١٢٨ ، والأشباه والنظائر ٢ / ١١٣ ، الاشتقاق ص ٣١٣ ، خزانة الأدب ٤ / ١٣ ، ١٤ / ١٧ ، ٢٠٠ ، ٥ / ٤٤٥ ، ٦ / ٥٣٢ ، ١١ / ٦٢ ، الدرر ٢ / ٩١ ، شرح شذور الذهب ص ٢٤٢ ، شرح شواهد الإيضاح ص ٤٧٩ ، شرح شواهد المغني ١ / ١١٦ ، ١٧٩ ، شرح قطر الندى ص ١٤٠ ، ولجرير في ديوانه ١ / ٣٤٩ ، الخصائص ٢ / ٣٨١ ، شرح المفصل ٢ / ٩٩ ، ٨ / ١٣٢ ، ـ