قوله : (فَضَرَبْنا) : مفعوله محذوف ، أي : ضربنا الحجاب المانع ، و (عَلَى آذانِهِمْ) استعارة للزوم النوم ؛ كقول الأسود : [الكامل]
٣٤٨٨ ـ ومن الحوادث لا أبا لك أنّني |
|
ضربت عليّ الأرض بالأسداد (١) |
وقال الفرزدق : [الكامل]
٣٤٨٩ ـ ضربت عليك العنكبوت بنسجها |
|
وقضى عليك به الكتاب المنزل (٢) |
ونصّ على الآذان ؛ لأنّ بالضّرب عليها خصوصا يحصل النّوم. وأمال «آذانهم».
قوله : (فِي الْكَهْفِ) وهو ظرف المكان ، ومعنى الكلام : إنّما هم في الكهف ، واسمه خيرم ، واسم الجبل الذي هو فيه [مخلوس](٣).
وقوله «سنين» ظرف «زمان» ل «ضربنا» و«عددا» يجوز فيه أن يكون مصدرا ، وأن يكون «فعلا» بمعنى مفعول ، أي من باب تسمية المفعول باسم المصدر ، كالقبض والنّقض.
فعلى الأول : يجوز نصبه من وجهين :
أحدهما : النعت ل «سنين» على حذف مضاف ، أي : ذوات عدد ، أو على المبالغة على سبيل التأكيد والنصب بفعل مقدر ، أي : تعدّ عددا.
وعلى الثاني : نعت ليس إلّا ، أي : معدودة.
فصل
[ذكر العدد هنا على سبيل التأكيد](٤) قال الزجاج : ذكر العدد هاهنا يفيد كثرة السّنين ، وكذلك كل شيء ممّا يعدّ إذا ذكر فيه العدد ، ووصف به ، أريد كثرته ؛ لأنّه إذا قلّ ، فهم مقداره بدون التعديد ، أمّا إذا كثر فهناك يحتاج إلى التعديد ، فإذا قلت : أقمت أيّاما عددا ، أردتّ به الكثرة.
قوله : (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ).
اللام لام الغرض ؛ فيدل على أن أفعال الله تعالى معلّلة بالأغراض ، وقد تقدم الكلام فيه ، ونظير هذه الآية في القرآن كثير ، منها ما سبق في هذه السورة ، وفي سورة البقرة : (إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ) [البقرة : ١٤٣] وفي آل عمران : (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ) [آل عمران : ١٤٢] وقوله : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ) [محمد : ٣١].
فصل
وقال بعض العلماء : «لنعلم» أي : علم المشاهدة.
وقوله : (لِنَعْلَمَ) : متعلق بالبعث ، والعامة على نون العظمة ؛ جريا على ما تقدم
__________________
(١) ينظر : المفضليات ٢ / ١٦ ، البحر ٦ / ٧٩٩ ، القرطبي ١٥ / ٩ ، الدر المصون ٤ / ٤٣٦.
(٢) تقدم.
(٣) في ب : بجلوس.
(٤) سقط من أ.